اخبار البلد : تباينت ردود الأفعال إزاء ظهور الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على التلفزيون في خطاب هو الأول اثر تعرضه وكبار رجال الدولة لمحاولة اغتيال في الثالث من شهر يونيو/ حزيران الماضي.
وظهر صالح من العاصمة السعودية الرياض حيث يعالج في المستشفى العسكري، جالسا على كرسيه لا يبدي حراكا، مرتدياً زي مضيفه السعودي، وطلبق اللحية.
وقال رئيس تحرير وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) السابق، نصر طه مصطفى ليونايتد برس انترناشونال "الحمد لله على سلامة علي عبد الله صالح تألمت مما حصل له ورثيت لحاله، وإن كان هو من سعى لأن يكون هذا حاله".
وأضاف طه مصطفى الذي كان يعد احد ابرز المقربين من صالح قبل أن يعلن انضمامه للمحتجين المطالبين بإسقاط النظام "رغم كل شيء، لا يهم علي عبد الله صالح" متسائلا "متى سنقول للوطن الحمد لله على سلامتك يا وطن؟ ساعتها فقط، حق علينا أن نحتفي ونبتهج بمناسبة شفاء وطننا".
وكشف صالح خلال خطابه مساء أمس أنه خضع ل 8 عمليات جراحية ناجحة؛ وهو ما بدا واضحا في الإصابات التي كان يعانيها وجهه المحترق بشدة وحالته الصحية التي أظهرت أنه لا يزال في طور التعافي من إصابات جسيمة، لحقت به.
وذكر ان أكثر من 87 شخصاً من كبار المسؤولين أصيبوا في حادثة الاغتيال.
وقال الناشط السياسي كريم علي الذي يصف نفسه بأنه كان من اكبر معارضي صالح، لكنه عدل عن ذلك بعد أن شاهده أمس "اختلفت معه كثيرا وعارضته كثيرا وتمنيت أن يرحل من على كرسي الحكم ونظمت مظاهرة في 2006 تأييدا لقراره بعدم الترشح للرئاسة واختلفت معه سياسيا حبا في اليمن ولمصلحة اليمن".
وأضاف كريم "اليوم أقف له احتراما وإجلالا لأنه أنكر ذاته وشخصه وفضل مصلحة اليمن على مصلحته الشخصية، اليوم عرفت انه عانى كثيرا طوال 33 عاما وهو يحكم اليمن باللين أحيانا وبالشدة أحيانا. اليوم عرفت انه طوال 33 عاما وهو يبحث عمن يعينه علي تحمل المسؤوليه وان اغلب من كانوا حوله ينتظرون اللحظة التي ينقضون عليه".
أما المعارضة اليمنية فلها وجهة نظر أخرى إزاء ظهور صالح.
وقال عضو المجلس الأعلى لأحزاب (اللقاء المشترك) وأمين عام حزب الحق حسن زيد ليونايتد برس انترناشونال "اعتقد أن ظهور الرئيس خطوة مدروسة سمحت بها السعودية لتحريك جمود الموقف السياسي، وسيتبعها خطوات في اتجاه تفويض النائب الفريق عبد ربه منصور بالسلطة تمهيدا لتشكيل حكومة".
وأضاف زيد " فالتوافق على مهام للمرحلة الانتقالية ومدتها وعندها، أي بعد تشكيل الحكومة لابد أن يتم البحث عن مخرج يسمح بنقل السلطة دون الالتزام بشرط المدة(60 يوما) لإجراء انتخابات رئاسية ".
ورأى ان ظهور صالح كان تجنبا للفراغ الدستوري عند العجز عن إجراء انتخابات خلال60 يوما عقب نقل السلطة، وأيضا كي لايكون عامل الوقت سببا في تفجير الأوضاع.
من جانبه أكد الصحافي والناشط السياسي عبد الخالق مقولة أن ظهور صالح أمام الملايين من الجماهير من محبيه ومعارضيه على حد سواء أعاد بصيص أمل للشعب اليمني الطامح في التداول السلمي للسلطة بعيدا عن كل أساليب العنف والتطرف.
وأضاف مقوله، المنحدر من قرية الرئيس صالح، ان الاقتصاد اليمني مازال يعاني من أزمة حرب الخليج الثانية والأزمة المالية العالمية اللتان عكستا تأثيرا سلبياً على الاقتصاد ,وهذه الأزمات الاقتصادية تجعلنا أن نفكر في تقبل وجهات النظر الآخر ,والحوار كمطلب أساسي لحل كل القضايا الوطنية و كمطالب أساسية للانتقال باليمن من مربع الأزمات إلى مربع الاستقرار.
وقال الناشط السياسي، وأحد قياديي ثورة شباب التغييرـ خالد الانسي فيرى ان صالح ظهر" بكلمة متقطعة مبعثره و مترهلة. بدأ فيها الرئيس متغيرا في كل شيء، إلا أسلوب تفكيره عندما قال انه سيواجه التحدي بالتحدي".
وأشار إلى أن ظهوره "حوّل صنعاء إلى ساحة حرب أقلقت السكينة العامة وبث الرعب في قلوب الملايين وسيطر الهلع على الأجواء وارتفع صراخ الأطفال وأطفئت أنوارالمنازل وخلت الشوارع إلا من الذعر".
وأضاف"كانت الكلمة المهترئة كفيلة بنزع السكينة عن صنعاء. بدأت عصابات السطة بإطلاق رصاصها في اتجاهات متقاطعة بعضها مقصودة وكانت زخات الرصاص لإشارة الى عقلية من يحكمنا، فالعصابات دوماً لا تفقه الكلمة لا تؤمن بالديمقراطية ولا تتقبل الرأي الأخر وليس لديها أي رسالة لا تحمل أي مشروع".
وتختلف الناشطة سعاد القدسي مع وجهة نظر الانسي حول ظهور صالح قائلة "بغض النظر عن موقفي مما قاله صالح..ظهوره يؤكد شجاعته وذكاءه وقدرته على التلاعب بعقول الثعابين حتى وإن كان الرقص على رؤوسهم لم يعد ممكنا".
وأضافت القدسي "كلام الشماتة لبعض الثوار والمعارضين كان مقززا . الثورة على السائد من أجل الأفضل لا تستقيم إلا بالخلق الأفضل أما التشفي هي وسيلة الضعفاء، وحقكم أن تحاكموه بالعدل بعد أن تستلموا السلطة. إذاً اتركوا الشتم والوصف المقزز".
وقال الكاتب والصحافي محسن عايض "شعرت كأني أنا المحروق وهذه ملامحي ومعاناتي".
وأضاف "سأظل معارضا لكثير من السياسات في وطني، لكن لن أعارض إنسانيتي .لكل من شارك في حادث الاغتيال الذل والمهانة ولا أظن انه سوف يطل علينا بخطاب آخر أو سينصت له أحد. لكل الشهداء في الساحات وفي الحادث الإجرامي الخلود، ولمن كان السبب ندعوهم إلى الإنسانية وعدم المتاجرة بالضحايا والشهداء".
ورأى محمد الأحمدي، احد العاملين في الحقل التعليمي أن الذي ظهر في الخطاب هو الرئيس علي صالح بالفعل، ولكن الرجل بدا منهكاً للغاية وهزيلاً ولا يستطيع تركيز النظر باتجاه الكاميرا ما يعني احتمال أن يكون فقد النظر في إحدى عينيه و"حالة من الذعر لا تزال واضحة في ملامحه وطريقة حديثه".
وأشار إلى أن الاحتفالات التي يقوم بها أنصاره" ليست ذات قيمة معنوية وإنسانية، بل تعبر عن حالة من الإفلاس القيمي والأخلاقي، لأنها تمت على حساب أرواح آخرين أبرياء قتلوا جراء الرصاص الذي أطلق في الهواء، ولأنها لا تتناسب والحالة المثيرة للشفقة التي ظهر بها" .
ويشار إلى أن ظهور ا صالح مثّل فرحا لدى البعض لما فيه من مغاز سياسية، والبعض الآخر بدأ متأثرا لحالته انطلاقا من مشاعر إنسانية طبيعية، ومنهم من بدا متجردا من اي مشاعر، واكتفى بإطلاق العبارات السخيفة حول بشرة الرئيس السوداء "المحترقة".
لكن ما أجمع عليه الكثير من اليمنيين هو هدوء الكلمة التي ألقاها صالح أمس وخلّوها من عبارات الانتقام, وميلها نحو المصالحة السياسية،رغم أن البعض من مناصريه لا زال يلوح بأن الرجل ما زال قادرا على إلحاق الضرر بخصومه السياسيين.
المعارضة اليمنية : كل شيء في علي عبدالله صالح تغير إلا اسلوب تفكيره
أخبار البلد -