نالت حكومة نجيب ميقاتي بعد ظهر الخميس ثقة مجلس النواب اللبناني بأكثرية 68 صوتا من اصل عدد مجلس النواب البالغ 128 نائباً، بينما اختار نواب المعارضة الانسحاب من القاعة قبيل بدء عملية التصويت، وامتنع نائب واحد عن التصويت.
وتركزت معظم المناقشات النيابية لبيان الحكومة، والتي استمرت ثلاثة ايام، على المحكمة الدولية التي ستنظر باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري والقرار الاتهامي الصادر عن مدعي عام المحكمة ويتحدث عن تورط أربعة من حزب الله في عملية الاغتيال.
ووجه نواب المعارضة اتهامات الى ميقاتي بالتخلي عن المحكمة عبر بيانه الوزاري، لكن رئيس الحكومة رفض، في رده على النواب قبيل التصويت على الثقة، هذه الاتهامات.
وقال ميقاتي، الذي يضم حكومته حزب الله وحركة امل وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والكتلة النيابية لرئيس الحكومة الاسبق ميشال عون، "عيب أن يقال إن الحكومة تتنكر لدماء الشهداء وفي مقدمهم الرئيس رفيق الحريري، وأنا شخصيا أرفض رفضا قاطعا اي مزايدة في هذا الموضوع من اي جهة كانت".
واضاف "أؤكد ان العمل على احقاق الحق والعدالة هو الهدف الاسمى الذي سنستمر في السعي اليه، وفاء للشهداء"، متسائلاً "أليس من الأفضل لنا جميعا أن ننأى بهذه القضية عن المزايدة والاستثمار السياسيين، وابقائها ضمن الاطار الذي يجمع عليه اللبنانيون".
وقال ان حكومته "تؤكد متابعتها لمسار المحكمة الخاصة بلبنان .. وهي عازمة بالتالي على التعاون في هذا الخصوص، تطبيقا للقرار 1757"، الذي صدر عن مجلس الامن الدولي الذي انشأ هذه المحكمة.
وقال "ليس نجيب ميقاتي .. من يفرط ويتنكر لدماء أي شهيد سقط دفاعا عن لبنان، فكيف الحال اذا كانت دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي هو قامة شامخة في لبنان، وهو ليس شهيد طائفة أو مذهب أو تيار سياسي، بل شهيد كل لبنان، ولن أقبل بالتراجع عن إحقاق الحق والعدالة أو ان يستغل، أي كان، استشهاده للنيل من وحدة لبنان وشعبه، التي كان يحرص عليها" الحريري.
ولفت الى ان حكومته "لم تتغاض، كما قال البعض، عن الانقسام الحاد الذي يشهده بلدنا راهنا، بل اكدت انها ستعمل على التخفيف من حدته وصولا الى زواله، معتبرة ان إحتكامها الى الدستور والتزامها استكمال تنفيذ اتفاق الطائف تنفيذا كاملا هو المدخل لاعادة الثقة والالفة والتضامن بين اللبنانيين، وفي ذلك ما يحصّن الوحدة الوطنية والعيش الواحد".
واضاف الى ان حكومته لم تتجاهل "موضوع السلاح او تتجاوز القلق الذي يحدثه وجوده في المدن والاحياء السكنية"، في إشارة إلى سلاح حزب الله.
وتابع إنه من هذا المنطلق أكدت "على ان حفظ الامن هي مسؤولية حصرية للدولة بمؤسساتها الامنية وسلاحها الشرعي الذي لا شريك له في هذه المهمة الوطنية السامية، وبالتالي فإن مسألة نزع السلاح من المدن هي في اولى اهتمامات الحكومة".
وقال "ان موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات سيكون موضوع متابعة وتنفيذ من قبل حكومتنا".
واشار الى ان حكومته "ولدت من رحم الارادة اللبنانية الصرف. ولعلها المرة الاولى التي يكون فيها قرار تشكيل الحكومة مستقلا".
ورفض وصف بعض النواب طريقة تشكيل الحكومة وتحدث عن "انقلاب" وعن "البلاغ رقم واحد"، معتبراً أن ذلك "محاولة للايحاء بان حكومتنا اتت وفق قواعد غير دستورية، متجاهلا اننا التزمنا الاصول والقواعد الدستورية ورفضنا تكريس اعراف مغلوطة مورست في تشكيل الحكومات في الأعوام الأخيرة".
كما رفض اتهام حكومته بالانخراط في "سياسة المحاور"، وقال "إن حكومتنا التي تلتزم التضامن العربي بعيدا عن سياسة المحاور، تنظر الى العلاقات مع الشقيقة سوريا ضمن الاطار الذي حدده اتفاق الطائف الذي نص على اقامة علاقات مميزة تحقق مصلحة البلدين في إطار سيادة وإستقلال كل منهما".
وكان رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، وهو من اركان المعارضة التي يتزعمها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قال قبيل ان يتحدث ميقاتي "ان ما جرى لم يكن تداولا ديمقراطيا طبيعيا (للسلطة) بل تغييرا بتأثير القوة ومظاهرها. لم يكن ذلك تغييرا فرضته إرادة الناخبين بل أتى مخالفا لإرادته".
وكان يشير بذلك الى عملية اسقاط حكومة زعيم المعارضة الحالية سعد الحريري، بعدما انسحب منها وزراء المعارضة السابقة التسعة ووزير كان محسوباً على رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وقال "لقد جرى تسلم السلطة عن طريق الانقلاب المستند إلى وهج السلاح، وليس عن طريق صناديق الاقتراع التي حكمت لنا".
واضاف "نحن لا نطالب إلا بالعدل الذي هو أساس الكرامة. وهل المطالبة بالعدالة جرم؟ وهل المطالبة بمعرفة حقيقة من قتل إخوتنا تجاوزٌ للحدود؟" وكان يتحدث عن قضية اغتيال الحريري ورفاقه.
وقال"نحن نرفض أن نوضع في مكان علينا أن نختار بين العدالة أو الاستقرار الأمني كما تعلمون وهي معادلة غير أخلاقية".
ووصف رفيق الحريري بانه" شهيد مظلوم وقال"، نحن نريد تبيان الحقيقة (في فضية الاغتيال) والمتهم أمامه فرصة البراءة وفرصة كبيرة للدفاع عن نفسه. والحقوق التي يتيحها نظام المحكمة الدولية للدفاع لإثبات براءة المتهمين هائلة وكبيرة" وكان حزب الله رفض المحكمة الدولية ووصفها بالاسرائيلية والأمريكية.
واشار الى ان جوهر الأزمة السياسية التي عاشها لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري "تمحورت وارتكزت على مسألة التباين والخلاف بل المواجهة والصراع حول الموقف من المحكمة الخاصة بلبنان".
واضاف "إن ما أقدمت عليه الحكومة في موضوع المحكمة الخاصة بلبنان في النص الذي ابتدعته لم يسبق أن أقدمت عليه أي حكومة سابقاً".
وكان رئيس الكتلة النيابية لحزب الله محمد رعد قال في كلمته قبيل منحه وكتلته الثقة للحكومة ان المحكمة الدولية " محكمة سياسية مزورة لتغطية ضلوع اسرائيل بجريمة الاغتيال( رفيق الحريري )".
واضاف ان هذه المحكمة" فاقدة للصدقية واداة بيد الدكتاتورية الامريكية والصهيونية".