لم تحتمل جلسة ضيقة في منتدى الرواد الكبار حجم المعلومات التي برع في توجيهها السياسي عدنان ابو عودة، وهو يكشف خبايا «مدريد» أول عاصمة احتضنت المفاوضات العربية مع الكيان الصهيوني، على شكل مؤتمر سلام عالمي.
المعلومة الأكثر خطورة كانت عن تجديد الادارة الامريكية وعلى لسان مسؤول رفيع فيها بأن سقف المفاوضات الأعلى هو أقل من دولة فلسطينية وأعلى من حكم ذاتي للفلسطينيين.
وحول التفاصيل قال ابو عودة «ان الادارة الامريكية كانت غاضبة جدا من خطاب المغفور له الحسين بن طلال رحمه الله عقب قصف ملجأ العامرية العراقي، حيث نقل السفير الامريكي وبلغة تخلو من الديبلوماسية احتجاج الولايات المتحدة على خطاب الحسين رحمه الله.
سردية القصة كما نقلها مصدر حضر لقاء ابو السعيد في ملتقى الرواد الكبار، أن المغفور له استدعاه وطلب منه زيارة واشنطن التي رفضت آنذاك استقبال الحسين رحمه الله والأمير الحسن والأمير زيد بن شاكر رحمه الله.
وتلك الرسالة صادمة الى الهاشميين بحكم دلالتها السياسية وابلغه الحسين رحمه الله ان واشنطن تعكف على دراسة اطلاق مشروع مفاوضات سلام بين العرب واسرائيل والمطلوب منه معرفة تفاصيل هذا المشروع.
الزيارة وحسب منطوق المصدر جرت من خلال الحاق ابو عودة بفريق الأمير الحسن الذي كان مقررا له القاء محاضرة في الولايات المتحدة ومن هناك يقوم عدنان ابو عودة بالذهاب بعيدا عن الكاميرات الى البيت الأبيض حيث اشترط الامريكان وقتها سرية الزيارة.
الى هنا التفاصيل مفهومة قبل ان يكمل الرجل سرديته ويعلن ان اللقاء استمر مع مستشار الأمن القومي لمدة تزيد على ثلاثة ارباع الساعة وانتهى بالسؤال التالي: ما هو سقف هذه المفاوضات فأجابه مستشار الأمن القومي «أقل من دولة وأعلى من حكم ذاتي».
رواية الرجل الذي كان جزءا من القرار السياسي الأردني تكشف صراحة بأن الأمريكان ومنذ البداية كانوا على توافق مع حكومات الكيان الصهيوني على عدم السماح بقيام دولة فلسطينية وكذلك فان العرب ومنظمة التحرير كانوا يدركون ذلك جيدا وأن التصريحات التي تلت ذلك بمجملها لشراء الوقت واقناع الشارع العربي والفلسطيني بالحل النهائي القائم على أقل من حكم ذاتي.
حديث ابو عودة غير الجديد ربما، يكتسب اهمية شديدة بحكم انه يتقاطع بشكل كبير مع تصريحات نتنياهو الأخيرة التي انكر فيها حديث حل الدولتين كما حاولت مصادر مصرية واردنية ايصاله عن فحوى لقاء سري جمع الأطراف الثلاثة مؤخرا (مصر - الأردن - اسرائيل).
ولأن عدنان ابو عودة من الشخصيات الوازنة التي لا تهذر بالمعلومات ولا تستعرض بحجمها فإن تسريبا من هذا النوع وفي هذا التوقيت يكتسب أهمية خاصة عن حجم الغضب الذي يعيشه الرجل حاليا، خاصة وانه كشف في نفس اللقاء عن اعتكافه لكتابة مذكراته الشخصية وعمله السياسي، فهل يفصح ابو عودة عن كل صندوقه الأسود ام ان تسريبة كهذه في هذا التوقيت كافية لتفريغ شحنة الغضب؟! سؤال برسم القلق على حجم المعلومات المحفوظة في صدور رجال الدولة بانتظار الكشف.