عادت الخلافات بشأن تشغيل معبر رفح البري بين الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس والسلطات المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد أن اتهمت الأولى الأخيرة بالتراجع عن تطبيق التسهيلات المقدمة للمسافرين الغزيين والتي بدأ تنفيذها مطلع الأسبوع الجاري.
وأعلنت سلطة المعابر في قطاع غزة مساء امس الأربعاء، عن اتصالات مع الجانب المصري لاحتواء أزمة معبر رفح البري الواقع بين القطاع ومصر، في وقت أعادت فيه السلطات المصرية حافلتين من أصل ثماني حافلات.
وقال مدير المعابر في غزة سلامة بركة 'هناك اتصالات مع الجانب المصري لاحتواء أزمة معبر رفح البري الذي أعلنت القاهرة فتحه مؤخراً بشكل دائم'.
وأضاف 'تواصلنا اليوم (امس) مع الجانب المصري لاحتواء أزمة المعبر نتيجة للتراجع الذي جرى في العمل'، موضحا انه كان من المفترض مغادرة 8 حافلات للمعبر، واصفا العمل بالبطيء، ومعتبرا هذا الإجراء بأنه 'غير مبرر'.
وقال مصدر في معبر رفح، إن السلطات المصرية أرجعت حافلتين، وسمحت بعبور ست حافلات بما يعادل 360 مسافرا عبر معبر رفح البري جنوب قطاع غزة. وأضاف المصدر أن العمل سار ببطء شديد، بخلاف اليوم الأول الذي فتح فيه المعبر وفق الآلية الجديدة.
وقال مسؤول في سلطة المعابر بغزة لـ'القدس العربي' انهم أبلغوا الجانب المصري رفضهم لطريقة العمل الجديدة، وسط تهديدات بإغلاق المعبر احتجاجاً على الإجراءات المتبعة.
وتفيد المعلومات التي أوردها مسؤولون في معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني بأن السلطات المصرية على معبر رفح بدأت في التراجع عن التسهيلات التي شرعت في تطبيقها السبت الماضي لسكان غزة، من خلال مطالبتها بتحديد عدد للمسافرين، على أن يقوم الجانب الفلسطيني بتسليم كشف بأسمائهم قبل يوم من موعد السفر.
كذلك تفيد المعلومات أن الجانب المصري اشترط عدم الاعتراض على أي مسافر يمنع من السفر. وقال بشير أبو النجا نائب مدير سلطة المعابر في غزة لـ'القدس العربي' انهم أبلغوا الجانب المصري خلال اجتماع عقد مساء الثلاثاء رفضهم لهذه الإجراءات التي قال انها 'لا تتماشى مع قرار المجلس العسكري الحاكم في مصر، الذي أصدر قرارا بفتح المعبر دون قيود'، نافياً ما أشيع حول قبولهم بمطالب الجانب المصري.
وأوضح أبو النجا أنهم أبلغوا المسؤولين المصريين أنهم لا يتوقفون عن العمل من خلال إرسال حافلات المسافرين إلى الجانب المصري، طوال ساعات العمل الرسمية من التاسعة صباحاً حتى الخامسة عصراً.
وأكد أنه تم إبلاغ الجانب المصري أنهم في حكومة غزة ملتزمون بقرار فتح المعبر وفق هذا الدوام اليومي، والذي يقضي بمرور من هم دون الـ18 عاماً وفوق الـ 40 عاماً للرجال دون شروط، إلى جانب النساء، بحسب قرار المجلس العسكري الحاكم بمصر.
وذكر المسؤول في سلطة المعابر بغزة أنه عقب أول يومين جرى خلالهما فتح المعبر وفق الترتيبات الجديدة، عادت الأمور إلى ما كانت عليه من حيث تقليص عدد المسافرين، لافتاً إلى أن الجانب المصري كان أعاد أول من أمس حافلتين محملتين بالمسافرين قبل دخولهما الجانب المصري من المعبر.
وأشار أبو النجا خلال تصريحاته لـ'القدس العربي' الى أنه لم يتم خلال اللقاء حسم الخلافات، لافتاً إلى أن اتصالات ولقاءات أخرى ستتم في الأيام القادمة، مبدياً في ذات الوقت تفهمه لواقع العمل في المعبر من الجانب المصري، من حيث نقص الإمداد اللوجستي، لكنه أكد أن هذا الأمر يجب أن لا يعمل على زيادة معاناة سكان غزة.
وبحسب أبو النجا فإن حكومة حماس ستتخذ 'خطوات احتجاجية' حال لم تعدل السلطات المصرية من طريقة عمل المعبر، وفق النظام الجديد.
يذكر أن الدكتور غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة حماس ترأس الاجتماع عن الجانب الفلسطيني، وحضرت اللقاء قيادات من الأمن القومي المصري. وكانت حكومة حماس هددت قبل أسبوع بإغلاق المعبر من جانب واحد احتجاجاً على الإجراءات السابقة.
وفي السياق نقلت وكالة 'معا' المحلية عن قيادات أمنية مصرية رفيعة المستوى تأكيدها أن مصر 'قدمت تسهيلات للأشقاء الفلسطينيين ليس لها مثيل وأنها تصدت لإسرائيل من أجل فتح معبر رفح البري بشكل دائم'.
ولفتت إلى أن السلطات المصرية وجدت 'عناصر فلسطينية مدرجة على الممانعة الأمنية في أعمال تتعلق بالتهريب عبر الأنفاق وحالات أمنية أخرى لا يسمح النظام المصري بالعبور، وأنه جرى تأجيل بحث ملفها حسب الاتفاق إلى شهرين'.
وتضع مصر كشوفات تضم أسماء مواطنين فلسطينيين ممنوعين من السفر عبر أراضيها، حيث تقوم مصر بإرجاع هؤلاء المواطنين إلى غزة عند وصولهم لمعبر رفح.
وتقول القيادات الأمنية ان معبر رفح يعمل بطاقته الأمنية غير الكاملة بسبب عدم وجود جهاز أمني بالكامل وهو 'جهاز الأمن الوطني' والمعروف سابقاً بجهاز 'مباحث امن الدولة'، حيث يتحمل جهاز 'الأمن القومي' المسؤولية بشكل مضاعف في التفتيش والفحص.
من جهتها أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة أنها تجري اتصالات مع الجانب المصري لحل أزمة الممنوعين من السفر، لافتة إلى وجود 'وعود مصرية' بطرح قضيتهم على المستوى الأمني وإعادة النظر فيها.
وقال محمد عرفات مندوب السفارة الفلسطينية في معبر رفح 'إن مصر تتعرض لضغوطات إسرائيلية وأمريكية لإغلاق معبر رفح وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه ما بعد حزيران 2007'، لافتاً إلى أن الأمن القومي المصري 'متفهم لأهمية رفع الحصار عن قطاع غزة'.
وأكد عرفات أن الطواقم العاملة في الجانب المصري محدودة، لافتاً إلى أن السفارة طالبت بزيادة هذه الطواقم لتسهيل سفر المواطنين الفلسطينيين.
وكان الرئيس محمود عباس قال يوم الاثنين الماضي خلال زيارته لمصر ان فتح المعبر ينسجم مع الاتفاقات الدولية ويرفع الكثير من معاناة الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن فتح المعبر متفق عليه بين الفلسطينيين والمصريين، وقال 'هذا متفق عليه معنا وليس جديدا وبحدود الاتفاقيات الدولية'.
وفي سياق قريب نفت وزارة الداخلية بغزة ما تردد من أنباء عن قرار للوزارة يقضي بإغلاق الأنفاق الحدودية المنتشرة أسفل حدود مدينة رفح جنوب قطاع غزة مع غزة، التي تستخدم في إدخال السيارات.
وقال المتحدث باسم الوزارة إيهاب الغصين في تصريحٍ لوكالة 'صفا' المحلية 'ان الوزارة لم تصدر أي قرارٍ يقضي بإغلاق الأنفاق المستخدمة لإدخال السيارات أو غيرها'.
وجاء النفي في أعقاب تقارير تداولتها مواقع إخبارية ذكرت أن اجتماعا عقد بين وزير الداخلية فتحي حماد وكبار قادة الأجهزة الأمنية بغزة للتباحث في آخر التطورات الأمنية والميدانية الجارية على الساحة الفلسطينية سيما في قطاع غزة.
وأكدت أن حماد أصدر أوامره للجهات المختصة بالعمل فورا على إغلاق كافة الأنفاق الحدودية مع مصر والتي تعمل على إدخال السيارات إلى قطاع غزة.