ا اتفق العراق وتركيا على العمل على حل مشكلة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات وتشكيل لجان فنية تمهد لتوقيع اتفاقات ثنائية تضمن حصة العراق من المياه، الأمر الذي سيمهّد الطريق أمام تنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية المعقودة بين البلدين، التي أوقفت بغداد توقيعها أخيرًا احتجاجًا على تقنين انقرة لحصتها من مياه الرافدين.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده في انقرة اليوم مع الرئيس التركي عبد الله غول رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، الذي أكد خلال اللقاء على "أهمية العلاقات بين العراق وتركيا وتطورها بما يخدم مصالح البلدين الجارين".. معربًا عن "الاحترام الكامل لمواقف تركيا الجادة والبناءة تجاه العراق والنظر الى كل مكوناته من مسافة واحدة".
وشدد على ضرورة ضمان الحصة المائية للعراق، مشيرًا الى أن العراق يحترم مواقف تركيا في تجنبها التدخل في الشؤون الداخلية العراقية، ولكن مشكلة المياه هي ما يقلق العراقيين. وناشد الرئيس التركي "العمل على عقد اتفاقية تضمن الحصص المائية للعراق في نهري دجلة والفرات، على غرار الاتفاقية المنعقدة بين تركيا وسوريا"، كما نقل عنه بيان صحافي رسمي عراقي تلقته "إيلاف".
من جانبه، وصف غول زيارة النجيفي الحالية لتركيا بأنها "تمثل أهمية كبيرة بالنسبة إلينا، على الرغم من تزامنها مع قرب الانتخابات العامة في تركيا التي ستجري في تموز (يوليو) المقبل".
واكد دعم العلاقات وتطورها مع العراق، وان لا تشكل قضية المياه تصدعًا في العلاقات بين البلدين. ووعد غول القيام بدور إيجابي وبنّاء في حل هذه المشكلة عقب الانتهاء من الانتخابات العامة في تركيا عبر تشكيل لجان فنية متعددة وتكثيف الزيارات للوصول إلى تفاهمات للحيلولة دون تفاقم الوضع.
واعتبر مصدر عراقي سألته "ايلاف" عن تأثير اتفاق غول والنجيفي لحل مشكلة حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا وينتهيان في شط العرب في جنوب العراق على طبيعة العلاقات بين البلدين أن الاتفاق سيمهّد الطريق أمام تنفيذ اتفاقية التعاون الاستراتيجي الموقعة بين البلدين في الأمر الذي من شأنه أن يقود هذه العلاقات إلى مزيد من التطور والتعاون.
وكانت الحكومة العراقية أعلنت في الأسبوع الماضي وقفها توقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع تركيا المعقودة عام 2008 مشترطة توقيعها على اتفاقية المياه مع العراق. وقال وزير الدولة المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ خلال مؤتمر صحافي ان مجلس النواب العراقي أوقف التصديق على الاتفاقية الاستراتيجية المزمع توقيعها مع تركيا، شرط أن توقع تركيا اتفاقية المياه مع العراق. وانتقد الدباغ الجانب التركي لعدم توقيعه اتفاقية مع الجانب العراقي تضمن حصة العراق المائية، فضلاً عن تقنين تركيا حصة العراق المائية، واصفًا هذا الأمر بغير المقبول.
وكان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أعلن خلال زيارته الى بغداد عام 2008 وإجرائه مباحثات مع رئيس الوزراء نوري المالكي عن توقيع اتفاقية "الاعلان السياسي المشترك" التي تضمنت إحدى بنودها تشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاسترتيجي المشترك، الذي يعمل على تنظيم العلاقة بين البلدين، ويكون برئاسة رئيسي وزراء البلدين، على أن يجتمعا سنويًا مرة واحدة، في حين ضم المجلس في عضويته الوزراء المعنيين في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والأمن والموارد المائية، مع إمكانية أن يقرر رئيسا الحكومتين توسيع المجلس ليضم وزراء ومسؤولين في مجالات معينة مع تطور التعاون الثنائي ليشمل تلك المجالات.
ويتكفل المجلس الأعلى للتعاون الاسترتيجي المشترك بالعمل على العديد من القضايا، من بينها التعاون السياسي والاقتصادي والطاقة والمياه والثقافة والتعاون الأمني والعسكري.
جاءت هذه الاتفاقية تتويجًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين المالكي وأردوغان عام 2007 وزيارة الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى أنقرة في آذار/مارس من العام نفسه، حيث تم توقيع اتفاقية ثنائية بين العراق وتركيا لتشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي، بهدف توثيق العلاقات الثنائية ودعم العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بينهما، وتنسيق مواقفهما وجهودهما الإقليمية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، من هذا المنطلق تلتزم حكومتا جمهورية العراق والجمهورية التركية بتطوير شراكة استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى تعزيز التضامن بين الشعبين.
وأوضح المصدر أن عدم مصادقة مجلس النواب على الاتفاقية الإستراتيجية مع تركيا يهدف الى ارغامها على إطلاق حصة العراق من المياه، موضحًا أن تركيا تتصرف بالمياه من دون الأخذ بعين الاعتبار الدول المتشاطئة.
هذا ونفى السفير التركي في بغداد وجود اتفاق بين بلاده وأي بلد مجاور لتقليل حصة العراق من المياه، فيما أبدى استعداده لجذب الشركات الاستثمارية التركية في حال توافر ضمانات لرؤوس أموالها.
وفي آذار (مارس) الماضي، اكد السفير التركي في العراق مراد اوزجليك أن ما يشاع بخصوص ابرام تركيا اتفاقًا مع اية دولة مجاورة، بما فيها السعودية، لتقليل حصة العراق المائية دعايات مغرضة تحاول التأثير في العلاقات بين البلدين.
وشدد على انه لا يمكن لأي قوة في العالم أن تجبر تركيا على قطع المياه، التي تعد بمثابة شريان الحياة عن العراق، مؤكدًا أن كمية المياه التي أطلقتها بلاده خلال العام 2010 بلغت (530 م3 في الثانية) عند الحدود السورية و(524 م3 في الثانية) خلال العام الحالي. واشار الى انه بحسب الاتفاقية الثلاثية بين العراق وتركيا وسوريا فإن على سوريا أن تطلق ما نسبته 58 % من الكمية المذكورة للعراق، لافتًا إلى أنه سيتم متابعتها من خلال اللجان الفنية.