اخبار البلد _ حذرت مرجعيات إسلامية من مصادرة الوجود المسيحي في الشرق و تذويبه في المسيحية الغربية.جاء ذلك خلال تصريحات سجلتها ندوة إلكترونية أقامها مركز الدراسات العربي- الأوروبي, ومقره باريس, تحت عنوان "هل هناك مخطط لتهجير مسيحيي الشرق".ورأى المرجعية الاسلامية الامام حسين المؤيد إن الراصد لمجريات الأحداث إقليميا و دوليا, و المطلع على تاريخ الحركة الرسالية - الاجتماعية للمسيحية, والمدرك لواقع السياسة الدولية وخلفياتها و منطلقاتها, يستطيع أن يؤكد وجود مخطط قديم جديد يستهدف مصادرة مسيحيي الشرق وتحويلهم الى لون باهت في لوحة المسيحية العالمية. وأضاف المؤيد لقد ولدت المسيحية في القلب النابض للمشرق سواء على مستوى مكان ولادة السيد المسيح عليه السلام المولود في بيت لحم والمترعرع في الناصرة بفلسطين, أو على مستوى مكان ولادة الدين المسيحي و حاضنته الأولى و قاعدته التي انطلق منها الى العالم, حيث ولدت المسيحية وانطلقت من فلسطين قلب المشرق وكان انتشارها الأول في المشرق, ولم يبدأ انتشارها في روما الا سنة واحد و ستين للميلاد و بشكل محدود. ونوه المؤيد ان المسيحية عانت منذ ولادتها وخلال المراحل الأولى لانتشارها من إضطهاد الإمبراطورية الرومانية التي كانت تسيطر على أجزاء واسعة في المشرق. وقد تجذرت المسيحية في المشرق وكان لها كيانها الضخم وكان المشرق المركز الأول للمسيحية, وكانت الكنيسة الشرقية عاصمة المسيحية العالمية. وبعد أن تنصرت الإمبراطورية الرومانية واكتسبت زخما دينيا مسيحيا كان هناك دافع سياسي كبير يدفع بإتجاه تحويل مركز المسيحية ومرجعيتها الكنسية الى الغرب وتعزز ذلك بعد انتشار المسيحية في أوروبا الغربية و تبني ملوك ودول الغرب لها, وتم العمل على هذا الموضوع الأمر الذي جعل مركزية الكنيسة الشرقية مستهدفا, وبالتالي جرى العمل على إخضاع مسيحيي الشرق للكنيسة الغربية وجعلهم وجودا تابعا لها و هو أمر لم يوفق فيه الغرب كل التوفيق لأن الكنيسة الشرقية أصرت على المحافظة على أصالتها وعلى تقاليد الكنيسة الأولى حتى وقع إنفصال الكنيسة الشرقية والمسيحيين الشرقيين الأورثوذكس عن روما سنة 1054 م.وقد ظلت الكنيسة المشرقية والمسيحيون المشرقيون بما لها و لهم من تاريخ أصيل في المشرق وفي المسيحية نفسها تحديا للغرب كان يسعى الى التعامل معه من أجل مصادرته وتذويبه. وكانت جهود المصادرة والتذويب تتبدد بفعل قوة إنتماء المسيحيين الشرقيين الى أوطانهم و ثقافتهم الشرقية فهم يرتبطون إرتباطا وثيقا بالتاريخ الوطني لشعوب الشرق وقد تفاعلوا مع ثقافة الشرق التي ساهموا في صناعتها كما أن لهم تاريخا مشهودا في الإنفتاح والتفاعل مع الإسلام والمسلمين. اما المسيحيون الشرقيون الذين رجعوا الى أسقف روما والذين يؤلفون الكاثوليكية في المشرق فهم و إن رجعوا الى كنيسة روما دينيا ولإعتبارات دينية على أساس أن السيد المسيح عليه السلام قال للقديس بطرس وهو أول أساقفة روما أنه الصخرة التي سيبني عليها كنيسته الأمر الذي فهم البعض منه انه قد اختير زعيما أعلى لهذه الكنيسة و أن البابا في روما هو خليفة القديس بطرس الا أنهم حافظوا على إنتمائهم المشرقي شأنهم شأن إخوانهم الأورثوذكس. وهكذا نجد أن الغرب كان و لايزال يعمل على مواجهة ما يعتبره تحديا يتجسد في الكنيسة الشرقية و مسيحيي الشرق. وأضاف المؤيد: كانت هناك مفاصل تاريخية أكدت للغرب ذلك وعلى سبيل المثال موقف المسيحيين مع المسلمين في جبهة واحدة في مواجهة مايسمى بالحروب الصليبية, وموقف المسيحيين مع المسلمين في مواجهة حركات الإستعمار الغربي. لقد شكل الوجود المسيحي في الشرق ميزة للشرق و للحضارة الإسلامية و للعالم الإسلامي الأمر الذي أزعج الغرب بدوائره السياسية والثقافية و الدينية. ان الدوائر الغربية التي تتبنى فكرة صراع الحضارات والدوائر الغربية التي تتبنى خارطة تقسيمية جديدة للمنطقة تحاول توظيف مسيحيي الشرق في هذا الإتجاه و هي تدرك أن هذه المحاولة غير ناجحة و ليس بإمكانها تحقيق كامل أهداف المشروع الغربي و من ثم فإن تلكم الدوائر تعمل على بعدين أساسيين: الأول: مصادرة الوجود المسيحي في الشرق وتذويبه في المسيحية الغربية.الثاني: ضرب المسيحيين في الشرق اما مباشرة أو من خلال ما يسمى بالتطرف الإسلامي لخلق هوة عميقة بين المسيحيين والمسلمين وتشويه صورة الإسلام وتدمير نموذج التعايش الإسلامي - المسيحي من أجل تمزيق النسيج الإجتماعي وتسهيل عملية التجزئة والتقسيم مضافا الى معاقبة المسيحيين على وطنيتهم. وحذر المؤيد من ان الصهيونية العالمية ومن أجل ترسيخ الكيان الإسرائيلي في المنطقة و ضمان الدولة اليهودية تعمل على خلق صراع إسلامي -مسيحي وهي غير مهتمة بأن يذهب المسيحيون ضحية لهذا الصراع. اننا ندعو المسلمين في عالمنا العربي والإسلامي أن يدركوا أهمية الوجود المسيحي المشرقي والدور الإيجابي لمسيحيي الشرق تاريخيا وفي الحاضر والمستقبل, وأن يعملوا على تكريس النموذج التاريخي و الفريد للتعايش بين المسلمين والمسيحيين. كما ندعو المسيحيين والكنائس المسيحية في المشرق سواء الأورثوذكسية أو الكاثوليكية الى وعي عميق للمؤامرة التي تستهدفهم و تعمل على مصادرتهم, ومواجهة هذه المؤامرة بالإلتصاق أكثر وأكثر بهويتهم المشرقية السياسية والثقافية و بإنتمائهم لأوطانهم و شعوبهم في المشرق وهم جزء أساسي من الكيان المشرقي, وعدم إعطاء فرصة للمتآمرين في فصلهم نفسيا وذهنيا وفي الواقع العملي عن نسيجهم المجتمعي. لقد كنت ولا أزال أنادي بضرورة العمل على إعادة الكنيسة المشرقية الى مكانتها ومرجعيتها لمسيحيي العالم مدركا أن تحقق ذلك لن يساهم في نزع الإبرة من بندقية الغرب المستهدف لنا جميعا فحسب, وإنما سيساهم في إعادة المجد لكياننا الحضاري التليد وريادتنا العالمية. ان ذلك ما يجب أن يتكاتف عليه المسلمون والمسيحيون جميعا. بدوره الداعية السعودي صلاح السيد محمد قال: <ليست هناك أي مخططات، لكنها الفوضى التي تعم جانباً كبيراً من العالم الآن، هي التي أنتجت مثل هذه الصراعات وهذه نتيجة متوقعة لهذا التحوّل الكبير الذي تتعرّض له المنطقة، وسرعان ما تعود المياه إلى مجاريها ويعود الأمر إلى ما كان عليه من قبل·· الكل يعيش بجوار الآخر آمناً مطمئناً فلا نسبق الأحداث ونشير إلى مخططات فالأمر لم يصل إلى هذه الدرجة>·