عصام قضماني
إشتراطات صندوق النقد هي ذاتها مصلحة للحكومة فلا خلاف حول خفض المديونية وضبط العجز لكن وجهات النظر تتباين حول الوسائل .
برنامج الاصلاح المالي الجديد مع صندوق النقد الدولي للفترة 2016-2019 جاهز بصيغة شبه نهائية وكان أسهل على الحكومة الجديدة أن تقره لكنها قررت أخذ مزيد من الوقت للبحث عن بدائل لتوفير مصادر مالية من غير الضرائب لتلبية إشتراطات ضبط العجز في الموازنة وخفض الدين العام .
هذه من الصعوبات , لكن توفير وسائل غير تقليدية للوفاء بهذه الإشتراطات عملية ممكنة وإن لم يحقق البرنامج المواءمة بين هذه الإشتراطات وتحقيق النمو فلن يكون له معنى سوى إضافة مزيد من الأعباء .
وزير المالية افصح أخيرا عن الإشتراطات التي لا يدور حولها خلاف , مثل الحفاظ على إستقرار الإقتصاد الكلي وتطبيق الإصلاحات لتحسين النمو بدءا بتثبيت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 كما هو في العام 2015 قبل البدء بخفض تدريجي يصل الى 77% نزولا من 93% خلال خمس سنوات وضبط عجز الموازنة وإنشاء وحدة لإدارة إستثمارات الحكومة مقرها وزارة التخطيط مهمتها تجميع وتوحيد الأولويات ونشر الحسابات المجمعة للحكومة المركزية والوحدات المستقلة وإنشاء وحدة للسياسات المالية ( بنك معلومات ) وعدم السماح بزيادة خسائر شركة الكهرباء الوطنية .
كل ما سبق ليس موقع خلاف , لكن وجهات النظر التي تحمل في طياتها تباينا تكمن في آليات تنفيذ الشق المالي في هذه الإشتراطات , والذي يدور حول الكهرباء وخفض المديونية أو تثبيتها عند معدلاتها وضبط العجز وكل واحدة من هذه البنود يقابلها إجراء مالي محدد يصب في زيادة إيرادات الخزينة , بتوفير مصادر مالية .
الخيار الأسهل بالنسبة للحكومة هو الأكثر كلفة بينما أن الخيارات الأخرى تتطلب إجراءات غير تقليدية أو خلاقة لجلب إيرادات وتوفير مصادر تمويل , في مقدمتها بلا شك حفز الإستثمار وتعزيز مصادر الدخل من السياحة والخدمات والأهم هو تجميع ما بحوزة الحكومة من رأس المال وإعادة توجيهه الى مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل وفي ذات الوقت تحقق للخزينة الإيرادات المالية المطلوبة ..
ما يهم الصندوق هو توفير الحكومة لمبلغ مالي محدد يتوفر من إجراءات التصحيح , وما يهم الحكومة هو عدم زيادة الأعباء المالية على القطاعات الإقتصادية وعلى المواطنين خصوصا الطبقة الوسطى , كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة , صندوق الحكومة لن يعجز عن إيجاد الأفكار إن شاء .