واضح ان تيارا في منظومة الدولة بدأ محاولات تكسير مجاديف رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بعد ايام قليلة من بدء تنفيذه لكتاب التكليف السامي.
وهذه المحاولات ليس خفيا سببها، لعلم ذلك التيار ان الملقي قادر على كسب الرهان وان فرصته القائمة ستكون كبيرة اذا نجح في تنفيذ ما وجهه اليه جلالة الملك عبدالله الثاني لتشكيل الحكومة البرلمانية الثانية. التحدي الاكبر الذي يواجهه الملقي هو الشق الاقتصادي، والشرط الملكي بان مقياس نجاح حكومته هو قدرتها على تنفيذ مشاريع اقتصادية في غضون عمر الفريق الوزاري الحالي والذي لا يتجاوز 4 اشهر دستوريا كون مهمته اشرافية وانتقالية.
ونجاح الحكومة ليس فقط في تنفيذ هذه المشاريع وانما توفير فرص عمل للايدي العاملة الاردنية. وضم الخبير الاقتصادي في التشغيل علي الغزاوي الى الحكومة وزيرا للعمل دليل على ارادة الملقي بتحقيق " معجزة " على هذا الصعيد. والغزاوي استطاع ايام قيادته لصندوق التنمية والتشغيل من تحويل هذه المؤسسة من مؤسسة تسيير قروض شخصية تحت مسميات اقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة الى قروض تشغيلية وفرت خلال ادارته للصندوق ما لا يقل عن 10 آلاف فرصة عمل. والرجل الذي استدعي الى التشكيل الحكومي كان على راس مؤسسة دولية تعنى بتدريب الاردنيين وتشغيلهم من خلال منحهم رواتب ومزايا تأمينية حياتية تساهم في الحد من نسب البطالة في المملكة.
والغزاوي بالنسبة للدكتور الملقي مجرب ونجح معه في تنفيذ العديد من المهام التي كلف بها يوم كان رئيس الحكومة الحالي رئيسا للجمعية العلمية الملكية وكان وزير العمل الحالي فيها خبيرا اقتصاديا واداريا. ومن يعرف الدكتور الملقي جيدا يعي تماما ان طاقم مكتبه لا يعرف برنامج زياراته اليومي الا الرسمية منها. فهو الذي يتحرك ويوجه ويفاجىء المؤسسات التي تعمل تحت سلطته تماما مثلما كان يفعل في العقبة لما كان رئيسا لمجلس مفوضيها. والذين وصفوا زيارة الملقي المفاجئة الى مستشفى البشير والمؤسسة الاستهلاكية المدنية بانها استعراضية، لم يخطئوا لان قياسهم كان رؤساء وزراء سابقين زاروا هذا الصرح الطبي الاردني العملاق ولم يعودوا اليه خلال فترة عملهم في هذا المنصب. ولكن الدكتور الملقي لن يفك عن مستشفى البشير حتى يشاهد ان كل ما وجه اليه من اجل تقديم خدمة مثلى للمرضى الاردنيين قد تم تنفيذه. وقياسي في هذا المقام الميدان الذي يؤكد انه زار ساحة 4 منذ الاعلان عن تجهيزها مركزا جمركيا جديدا وبدء العمل فيها مطلع شهر نيسان الماضي وحتى مغادرته العقبة رئيسا للوزراء زاد على 45 مرة.
اما توسعة بوابات الخروج من ميناء الحاويات فهو لم يكتف بزيارتها فقط صباحا وبعد الظهر وفي منتصف الليل بل كانت يده بيد العمال في عمليات البناء الى درجة انه طلب من احد المسؤولين شطب صوره التي التقطها في تلك الاثناء حتى لا تتسرب الى الاعلام وتتحول قضية بناء ثلاثة مسارب خروج من ميناء الحاويات الى " استعراض اعلامي " بدلا من واحدة من خطوات تسريع عملية المعاينة والتخليص على حاويات البضائع.
قبل مغادرة الدكتور عبدالله النسور رئاسة الوزراء كان السؤال من الذي سيخلفه هذا الرجل الذي تحمل الامرين في قراراته الاقتصادية التي لن يلمس استراتيجيتها عامة المواطنين الا بعد سنين حينما يعرفون ان هذا الرئيس انقذ الاقتصاد الوطني من الانهياء وانه كان رجلا شجاعا طوال فترة حكمه. وبتكليف الدكتور هاني الملقي بتشكيل الحكومة الجديدة اتضحت قراءات مستقبل الاردن الجديد بان رؤساء الحكومات القادمين ليسوا سابقين، وان الامانة يكلف بها رجال ديدنهم التجديف بالوطن الى بر الامان والبناء على ما بناه الآخرون وفقا لما اكده رئيس الحكومة الجديد بعد ادائه اليمين الدستورية امام جلالة الملك.
خالد فخيدة