محمومة؛ انطلقت التكهنات حول التشكيلة الوزارية، التي عكف الرئيس الجديد المكلف على دراستها، وصفها ضمن طابور الفريق الوزاري المنتظر والذي اتوقع ان لا يشهد كثيرا من اختلاف عن الفريق الذي كان بحكومة الدكتور المستقيل عبدالله النسور، وأكتب هذه المقالة ولم تصدر بعد أخبار رسمية حاسمة، حول طبيعة هذه التشكيلة، وإن لم تصدر قبل نشر هذه المقالة، فالمتوقع أن تصدر هذا اليوم الأربعاء كما تشير بعض التصريحات التي تزعم بأنها على مقربة من تلك الخلوات الحكومية..
راجعت خطاب التكليف السامي الذي وجهه جلالة الملك للدكتور هاني الملقي، ولاحظت شموليته، ومن الطبيعي القول إن محاور هذا الكتاب السامي تحتاج إلى وقت يزيد عن 4 أشهر لتطبيقه، ومع غياب مادة دستورية سبق لنا الحديث عنها في هذه الزاوية، توضح دور الحكومة التي تتولى الشأن الأردني بعد رحيل مجلس النواب والحكومة التي حازت ثقته، وتوضح عمرها، ومدى إمكانية أن تتقدم هي نفسها لنيل الثقة من المجلس الجديد، الذي أشرفت على انتخابه، كلها ملاحظات وأسئلة في صميم العملية السياسية الديمقراطية، التي يحرص الأردن على تكريس ثقافتها، وحمايتها بالتشريعات، لترسو كسلوك ديمقراطي متستندة إلى مبدأ سيادة القانون واحترامه، وقطع الطريق على التكهنات والتحليلات والاشاعات، وغلق باب المزايدات والتشكيك بكل حكومة قادمة، وبنزاهتها في إدارة العملية الانتخابية..
في حكومات أردنية سابقة، حدث وأن تم التشكيك بالنهج الحكومي وبنزاهة تلك الحكومة في إجراء الانتخابات النيابية، ومكثت ثقافة التشكيك في اعلامنا وبين النخبة السياسية لمدة طويلة، حتى بعد أن تم حل مجلس النواب قبل نهاية فترته الدستورية، ثم حل الحكومة، لم تهدأ قصص التشكيك بنزاهة الحكومات ونزاهة الانتخابات، بل إنها أرست مفهوما انطباعيا خطيرا، يستهدف الثقة بالدولة وبمؤسساتها وسلطاتها، وهذا ما يجب أن نتجاوزه بعد كل هذه السيرة الديمقراطية الانتخابية، وبعد كل هذه التعديلات الدستورية الاصلاحية، فلا فائدة ترتجى من استمرار ثقافة التشكيك وتقليل الضوء الكاشف للانجازات الأردنية، واستبداله بعتمة الاشاعة وتزوير الوعي وقلب الحقائق..
السؤال السياسي الأردني الذي يحتاج إلى إجابة حاسمة: هل حكومة الدكتور الملقي هي حكومة تصريف أعمال والاشراف على الانتخابات النيابية، أم هي حكومة مكلفة لتنفيذ برنامج سياسي يمتد عمرها حسب الدستور إلى ما بعد تشكل مجلس النواب القادم مدة 4 سنوات أخرى، مالم يرفع المجلس الحصانة عنها؟ ولعل مثل هذه الاجابة تحسم جدلا وتغلق بابا كبيرا تتسلل منه الاشاعة وفنون من التشكيك بالمنجز الأردني، ولو وجهنا السؤال السابق إلى الناس لرأينا العجب العجاب من التحليل والمعلومات والأقوال المنسوبة للمصادر، وكلها تدعي المعرفة بعمر حكومة الملقي ومهامها وبرامجها..الخ.
حديث آخر؛ ينطلق ويسود هذه الأيام عن الحكومة القادمة، بأنها ستكون برلمانية، وهذا أمر غير محسوم أيضا، ولا أعلم من أين يستقي مثل هؤلاء معلوماتهم، فالمعروف لدينا هو وجود توجه أردني تحدث عنه جلالة الملك خلال السنوات الأربع الماضية، ومزيد من الاصلاحات السياسية التشريعية وغيرها، وينتهي الكلام بهدف أردني ملكي ديمقراطي كبير بالقول»وصولا إلى تشكيل حكومات برلمانية»، فهل ثمة تصريحا أردنيا رسميا أو دستوريا يحدد أن الأردن ملزم بتشكيل حكومات برلمانية بعد انتخاب أعضاء المجلس النيابي القادم؟.. كله تكهنات وغالبا لا أساس لها، فالخطاب الرسمي واضح وكذلك التوجيهات والدستور، وكلها لم تحدد بعد أو تشرع للحكومات البرلمانية، التي يجب أن يسبقها تشكيل أحزاب قوية تصل إلى البرلمان وتشكل أغلبيات تمكنها من تقديم حكومات برلمانية..
لنتوقف هنا، ونتوخى شيئا من الدقة حين نتحدث، ونلجأ إلى القانون والمعلومة حين نتكهن ونتوقع، وأن لا نشطح بعيدا حين نتحدث عن حكومات أردنية، مطلوب منها تقديم أداء رشيق نزيه وحلول واقعية للمشاكل والأزمات التي يعاني منها الأردن..
شوي شوي ع الناس، وارحموهم من الاشاعة والتكهنات والتحليلات السياسية والاقتصادية الخيالية.
واعلموا يا رحمكم الله بأننا نلقي على كاهل الملقي عبئا ثقيلا..الله يعينه.
ibqaisi@gmail.com