أخبار البلد-
قرر الأسير الفلسطيني محمد علان ان يواصل نضاله من اجل الحرية حتى لو كان ثمنها حياته نفسها. وتمكن هذا المحامي «المعتقل اداريا» دون اي اتهام منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من فضح الاجرام الاسرائيلي بروحه الاسطورية في صمودها، وجسده النحيل، اثر اضرابه عن الطعام الذي تجاوز الشهرين، ما ادى الى دخوله في غيبوبة منذ الجمعة الماضي.
ان اعتقال علان بزعم وجود «ملف سري يؤكد انه يمثل خطرا امنيا» حسبما تزعم اسرائيل، يعني عمليا امكانية سجن اي شخص الى ما لا نهاية دون مسوغ قانوني، وينفي عن الدولة اليهودية اي علاقة بالقانون.
وظهر الاجرام الاسرائيلي جليا عندما قامت السلطات الامنية بتخديره وتغذيته با*قوة عن طريق الوريد بعد ان تدهورت صحته.
وحسب التقارير الاخبارية فان الاطباء الاسرائيليين يرفضون القيام بهذه المهمة القذرة التي تنتهك اصول المهنة خوفا على سمعتهم من التدمير، خاصة ان كثيرين منهم يحملون جوازات سفر اجنبية، وقد يتعرض للعقاب في الخارج. ولم تجد الجمعية الطبية الإسرائيلية مفرا من حث الأطباء على عدم الامتثال لقانون جديد يجيز التغذية القسرية للمضرب عن الطعام، واستهجنت القانون بوصفه منافيا للأخلاق وخرقا للاتفاقيات الدولية. واكدت ان التغذية القسرية شكل من أشكال التعذيب وينطوي على مخاطر كبيرة.
ويثير رفض اسرائيل السماح لاطباء فلسطينيين او محايدين بالكشف على علان الشكوك حول حالته الصحية، وبعد ان تم نقل علان الى المستشفى، يقول الاطباء انهم سيرضخون لرغبته اذا طلب وقف التغذية بعد ان يفيق من التخدير، وهذا متوقع اليوم الثلاثاء، وتوقعوا ان يستشهد خلال وقت قصير ان حدث هذا.
وبدا المأزق الاسرائيلي واضحا امس في المحكمة عندما عرضت المخابرات الافراج عن علان مقابل نفيه الى الخارج، وهو ما رفضه دفاعه في إباء، ليعيد الكرة إلى من تسببوا في هذه المأساة.
وبالطبع تخشى اسرائيل ان يؤدي الافراج الفوري عن علان الى موجة اضرابات واسعة في السجون، خاصة بعد ان نجح الاسير خضر عدنان مؤخرا من استرداد حريته عبر اضراب مشابه عن الطعام.
والواقع هو ان قضية علان ليست سوى قمة جبل الجليد، وحسب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع فإن الأوضاع في السجون الإسرائيلية تتجه نحو الانفجار بسبب «فشل المفاوضات بين قيادة الأسرى وإدارة سجون الاحتلال التي تضرب بعرض الحائط كافة الوعود ، وترد بالسلب على معظم طلباتهم».
وايا كانت التطورات المرتقبة اليوم فان نضال علان سينجح في القاء الضوء على قضية الاسرى، وما تمثله من اولوية ملحة في الوضع الفلسطيني المعقد. ومن المؤكد ان اضرابه يوجه رسالة مدوية بضرورة معالجة ملف الاسرى ضمن اي صفقة او اتفاق مع اسرائيل.
ويكتسب هذا العنصر اهمية خاصة لتزامنه مع تواتر الأنباء حول قرب التوصل الى اتفاق بين اسرائيل وحركة حماس بشأن هدنة طويلة مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة.
وليس واضحا بعد ماهية نصوص ذلك الاتفاق الذي ابدت فصائل فلسطينية امتعاضها منه باعتبار انه يكرس الانقسام السياسي، وانفصال غزة، ويحقق الهدف الاسرائيلي في منع اقامة دولة فلسطينية، فيما يتحدث مسؤولون في حركة حماس عن ان اي اتفاق سيكون تطويرا للاتفاق الذي انهى العدوان على غزة العام الماضي.
وعلى اي حال فان قضية الاسرى كانت بين البنود الاساسية في المفاوضات غير المباشرة التي ادت الى ذلك الاتفاق، ولا يمكن للشعب الفلسطيني ان يقبل اسقاطها من اي تفاهم مع اسرائيل.
فهل يقنع نضال محمد علان كافة الفصائل الفلسطينية بأن يأتوا الى كلمة سواء، وان يترفعوا عن الخلافات والصراعات، وان يعودوا الى الثوابت التي طالما كانت قضية الاسرى واحدة منها؟