الاتفاق التقني الذي تم التوصل اليه بين اليونان والمؤسسات الدائنة (الاتحاد الاوروبي، البنك المركزي الاوروبي، صندوق النقد الدولي والآلية الاوروبية للاستقرار) سيسمح لأثينا بالاستفادة من خطة مساعدة جديدة مقابل الالتزام بحزمة جديدة من الاصلاحات. وفي ما يلي الرهانات الاساسية التي ينطوي عليها الاتفاق.
- لماذا خطة مساعدة ثالثة؟
بالرغم من خطتين للمساعدة في 2010 و2012 بقيمة اجمالية من 240 مليار دولار، وشطب ديون بقيمة 100 مليار أورو للقطاع الخاص، عاشت اليونان ست سنوات متتالية من الانكماش وما زالت غير قادرة على العودة لتمويل ذاتها من الاسواق. كما انها لم تعد قادرة على تسديد ديونها المستحقة.
وفي ما يتعلق بالمصارف اليونانية المنهكة بفعل التدهور الاقتصادي والسحوبات الكثيفة للمواطنين، فهي باتت بحاجة ماسة لإعادة الرسملة.
وخطة المساعدة الجديدة بقيمة "82 الى 86 مليار أورو" على مدى ثلاث سنوات بحسب مصدر اوروبي، و85 مليارا بحسب الحكومة اليونانية، ستسمح لأثينا بدفع متأخراتها ومواجهة استحقاقاتها. كما ستسمح ايضا باعادة رسملة المصارف.
- ما هي مفاعيلها على الدين اليوناني؟
يقدّر الدين اليوناني حاليا بحوالى 320 مليار أورو، اي ما يمثل 170% من اجمالي الناتج الداخلي، وهو مستوى اعتبر بالاجماع انه لا يمكن ان يستمر. وخطة المساعدة الجديدة، بشكل قروض، سترفعه الى 200%. ويشدد صندوق النقد الدولي على تقليص الدين تحت طائلة الكف عن المشاركة في تمويل البلاد. وكان الاوروبيون قطعوا وعدا باعادة هيكلة الدين اليوناني في 2012 مقابل اجراء اصلاحات.
لكن دولاً عدة تعارض بشكل جذري شطب ديون بلا قيد او شرط، بدءًا بألمانيا. وفي أواخر تموز جدد رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو التأكيد ايضًا من جهته ان بلاده "ستبقى معارضة بشكل اساسي لأي خفض لدين اليونان".
- ماذا تنتظر الجهات الدائنة؟
مقابل هذه المساعدة الجديدة يطالب الدائنون باصلاحات، واردة بالتفصيل في المذكرة التي توافقت عليها المؤسسات الدائنة وحكومة أثينا.
وللافراج في الحالة الراهنة عن دفعة اولى من المساعدة يتوجب على اليونان القيام بـ35 إصلاحا تتراوح بحسب الصحافة بين تغيير بشأن الرسوم على الطن بالنسبة للشركات البحرية وخفض اسعار الادوية البديلة مرورا بتخفيف الاطار التنظيمي لقطاع الطاقة.
كما تمّت المطالبة ايضا بإجراء إصلاحات جوهرية تتعلق بنظام التقاعد وسوق العمل، وكذلك اقامة صندوق للخصخصة.
وسيتعين على أثينا ايضا القيام باصلاحات في الميزانية لكن الاهداف تم "تخفيفها" كما قالت الحكومة اليونانية، مع توقع عجز اولي (الموازنة دون خدمة الدين) بـ0،25% من اجمالي الناتج الداخلي في 2015 قبل تسجيل فائض اولي بـ0،5% من اجمالي الناتج الداخلي في 2016 و1،75% في 2017 و3،5% في 2018.
- ما هي المراحل المقبلة ؟
يمكن ان يصوت البرلمان اليوناني على النص الخميس، ما قد يتيح عقد اجتماع للأوروغروب (وزراء مالية منطقة الأورو) للمصادقة عليه الجمعة، قبل تصويت برلمانات اوروبية اخرى منها البوندستاغ الالماني. وهذا الجدول الزمني سيكون مناسبا لأثينا لأن الشريحة الاولى من المساعدة ستدفع في حينه كي تسدّد اليونان مبلغ 3،4 مليار أورو مستحق للبنك المركزي الاوروبي في 20 آب.
لكن ألمانيا شددت في الايام الاخيرة على ابرام اتفاق "متين" مع احتمال اخذ المزيد من الوقت للتفاوض. وفي هذه الحالة ولاجتياز عقبة 20 آب سيكون هناك "ربما حاجة لقروض مرحلية" كما أقر مصدر اوروبي الثلثاء في بروكسل.
- هل ستسمح خطة المساعدة الجديدة بإنقاذ اليونان وتفادي خروجها من منطقة الأورو؟
هنا يكمن بيت القصيد وخبراء الاقتصاد مشكّكون حيال هذا الامر. ولفت المحللون في المجموعة المالية "اي بي ان امرو" الى "ان هناك عددا معيّنا من التفاصيل قد تقف حجر عثرة امام تنفيذ الاتفاق في الاشهر المقبلة وتثير المخاوف مجددا من احتمال خروج اليونان من منطقة الأورو.
بدءًا بالانكماش الذي يتوقع كثيرون من خبراء الاقتصاد انخفاضا في اجمالي الناتج الداخلي اليوناني بنسبة 3 الى 4% هذه السنة. ولتفادي ذلك سيتوجّب انتهاج سياسة تقشف قد "تعطي نتيجة عكسية" بالنسبة للنمو بحسب اي بي ان امرو.
وترتكز الخطة برأي جوناثان لوينز من كابيتال ايكونوميكس على "توقعات للاقتصاد والمالية العامة اشبه بتخيلات". واعتبر ان الاهداف الجديدة للميزانية المفروضة على أثينا "متطلبة للغاية وحتى يستحيل بلوغها".
ورأى ان خطة المساعدة الجديدة "لن تساعد اليونان لا على تسوية مشكلاتها العميقة الاقتصادية والمتعلقة بالميزانية، ولا تأمين مستقبلها داخل الاتحاد النقدي".