بعد تراجع شعبية الشعر في العالم العربي: شعراء يكتبون «الرواية» طمعا في الشهرة والجوائز

بعد تراجع شعبية الشعر في العالم العربي: شعراء يكتبون «الرواية» طمعا في الشهرة والجوائز
أخبار البلد -   اخبار البلد 
 

عمان: يتجه الكثير من الشعراء إلى كتابة الرواية، بحثا عن الشهرة أو المردود المادي، تتعدد الأسباب ويبقى السؤال الأهم هل يخون بذلك الشاعر قصيدته وهل يتمكن من خلع عباءته الشعرية والتحول إلى السردية والنجاح فيها. 
البداية مع من بدأوا بكتابة الشعر وخاضوا تجربة الرواية، ومنهم الشاعر الأردني أحمد أبو سليم الذي بدأ حديثه متسائلا، «هل ثمَّة صراع بين الأَجناس الأَدبيَّة؟ أَليس الإبداع الكتابي عملاً متكاملاً متشابكا يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأَهداف الإنسانيَّة بعينها، حسب رؤى ما تتقارب أو تتباعد تبعا لثقافة المنتِج للعمليَّة الإبداعيَّة؟».
وأضاف «هل يخون الشَّاعر القصيدة حين يذهب إلى السَّرد؟ ولماذا على الشَّاعر أَن يبقى مخلصاً للقصيدة ما دام بوسعه أن يقدِّم فكرة جديدة من خلال إطار جديد، ولماذا يأخذ الشَّعراء على الشُّعراء مأخذ الذَّهاب إلى الرِّواية؟». ويعتقد أبو سليم الذي صدرت له رواية «الحاسة صفر» بعد أربع مجموعات شعرية، أَن معظم التَّجارب الرِّوائيَّة للشعراء سقطت في فخِّ الشَّاعريَّة والشعريَّة على حساب الحدث، إذ ثمَّة فهم مغلوط من قبل كثير من الشُّعراء للعمل الرِّوائي، لكنَّ ذلك لا ينفي بالطَّبع أَن هناك أَعمالا روائية لشعراء كانت مكتملة العناصر الفنيَّة ورائعة ومختلفة. 
أما بخصوص العلاقة بين الشعر والرواية، يبين أبو سليم «هل الشعر ما زال ديوان العرب أم لا؟ من الواضح تماما أَن الإجابة المغيَّبة موجودة ضمن السُّؤال ذاته: أَيُّ الأَجناس الأَدبيَّة هو الَّذي يتسيَّد الآن ساحة الأَدب؟ تلك هي الصِّيغة الحقيقية للسؤال، وهو سؤال عن السُّلطة، سلطة الجنس الأدبي». 
الإجابة على سؤالنا حول تحول الِشاعر إلى كتابة الرواية كانت مجموعة من الأسئلة، تكشف في مضامينها عن الأسباب وهي «كم تبلغ قيمة الجوائز العربيَّة الممنوحة للرواية؟ وتلك الممنوحة للشعر؟ لماذا هذا الاهتمام المفرط بجوائز الرواية، على حساب الأجناس الأَدبية الأخرى، وليس فقط الشعر؟ كم يبلغ عدد قراء الرواية؟ وعدد قراء الشعر؟ أَعني الشعر ضمن دفَّتي ديوان شعري». واختتم أبو سليم رأيه موضحا «لماذا ترفض دور النشر نشر دواوين الشعر إلا حين تتقاضى من الشاعر حقوقها المالية كاملة؟ باختصار أَقول قد يتحول الشاعر إلى روائي، لأسباب كثيرة، لكنَّ أَهمها أَنَّه يبحث عن القراء- على قلَّتهم- الذين فروا منذ زمن بعيد من الشعر».
جلال برجس شاعر وروائي أردني كتب الشعر أولا «كأي غصن على شجر» و»قمر بلا منازل» ومن ثم كتاب الرواية فكانت «الزلزال»، وعن سر كتابته للرواية يقول «لهذا السؤال إجابتان، واحدة متعلقة بالشاعر الذي ما عاد يؤمن بالشعر حينما وجد أنه لا يحقق له رواجاً بين قراءه، وأخرى متعلقة بشاعر اختار أن يبقى في مساري الرواية والشعر مع إيمانه بما يكتب عبر هذين الصنفين الأدبيين». والأمر هنا بحسب برجس – مرتبط بمستوى القدرة الشعرية التي إن كانت قوية لا تسمح لشاعرها أن يتنكر لها، وإن كانت على غير ذلك فقد يسرت له الدرب لتركها. مضيفا «آمنت قبل دخولي عالم الرواية أن الروايات العظيمة كتبها روائيون أتوا من الشعر، وفي هذا السياق لنا أمثلة عديدة». يقول آرنيستو سباتو إنه «ما من رواية حقيقية إن لم تكن في المحصلة شعراً». مشيراً عبر هذا الرأي إلى آلية شعرية الفكرة ذاتها، لا شعرية النص، أو شعرنته فقط. ومن هذا المنطلق كتب برجس المسارين «شعراً ورواية». وفي أجابته عن «لماذا كتبت الرواية بعد أن كتبت الشعر، وهل كتابة الرواية بالضرورة تخل عن الشعر؟» يقول، «أجدني بشكلين من البوح. في القصيدة أسعى للتكثيف والمجاز والصورة الشعرية والمستوى الخاطف من إحداث الصدمة والدهشة. في القصيدة ثمة سعي لمناكفة الواقع ولكن بأدوات لا يحتملها غير الشعر»، بينما في الرواية يجد برجس نفسه في شكل آخر من البوح، إنه عالم السرد الفسيح، الذي يتكئ على الجملة الطويلة، وعلى عين تصور التفاصيل الخارجية والداخلية، وعلى ابتكار الأدوات لأخذ القارئ عبر سراديب الحكاية وعبر متاهاتها ثم الوصول به نحو مقولة الرواية الرئيسية. لذلك لا يؤمن برجس بأن كتابة الرواية معنية بجدوى لا تتحقق في الشعر. هنالك من رأى ألا جدوى من الاستمرار في كتابة الشعر، تلك الجدوى المتعلقة بالشهرة، والمقروئية، والجوائز، لذلك هربوا نحو الرواية، لكن منذ متى ننتظر من الهروب نجاحاً، النجاح يأتي من الانتقال المنطقي غير المرتبط بالقطع المفاجئ والانتقال إلى حالة أخرى.
الشاعر الأردني أيمن العتوم صاحب رواية «يا صاحبي السجن» يعتقد بأن «الشّاعر يولَد ولا يُصنَع» كما قالوا في الأمثال. أمّا الرّوائيّ فهو يُصنَع على الأغلب، ولذا فمن الطّبيعيّ أن يبدأ المُبدِعُ شاعِرًا. موضحا «أنّ الشّعر جِبِلّة، ربّما يفد المرء إلى الدّنيا شاعِرًا، لأنّ الشّعر من الشّعور؛ والشّعور مادّته الأولى هي الإحساس، ولِذا فإنّ رهافةَ الحسّ مع الخيال الواسِع يُمكن أن تُشكّل نواةً جيّدة لميلاد شاعر». بينما لا يعتبره العتوم كافيا في الرواية، فهي عالَمٌ آخر، عالَمٌ يضجّ بكلّ المتناقِضات، عالَم يحتوي أحداثًا تتنبّأ بها وتلك الّتي لا تستطيع أن تتنبّأ بها إلاّ في لحظات العري مع النّفس، الّتي تتجلّى أثناء الكتابة الإبداعيّة، وهذا لا يتأتى إلاّ بعد خِبرةٍ طويلة ومعرفةٍ عميقة وقراءةٍ أعمق، من أجل ذلك يأتي الرّوائيّ في مرحلةٍ متأخّرة عن الشّاعر. كما تحدث العتوم عن عواملَ أخرى قد تدفع المرء الّذي بدأ شاعِرًا أن يتحوّل إلى روائيّ وهي «أنّ الرّواية أوسع من الشّعر مِظلّة وهي تحتوي على الشّعر والسّرد والرّسم بالكلمات والموسيقى وغيرها».

وجهة نظر محايدة

يؤكد الشاعر الأردني إسلام سمحان أن الرواية تتميز بفضاء أكبر وتحظى بشعبية كبيرة، كما أنها مرغوبة أكثر عند أصحاب دور النشر. مضيفا «هذا كله دفع شعراء لخوض تجربة كتابة الرواية وشجعهم على أن السرد يأخذ حيزا كبيرا من الأعمال الروائية وكما نعلم فإن السرد جنس أدبي بين الشعر والرواية. سمحان الذي لم يكتب الرواية بعد، يجد أن هناك تجارب كثيرة لشعراء تحولوا إلى روائيين لكن لم تنجح كلها، وفي المقابل هناك تجارب حققت حضورا ونجاحا في أوساط الروائيين، وأذكر منهم الشاعر أمجد ناصر وأحمد أبو سليم وإبراهيم نصرالله. والسر في نجاحهم بحسب سمحان – أن هؤلاء تميزت أعمالهم الروائية بالنضج رغم أنها أعمال أولى في هذا الجنس الأدبي وأظهرت قدرة كبيرة على السرد وتنامي الحدث والحبكة والشخوص.
أما عن الروايات التي فشلت، فاعتبرها سمحان أعمالا روائية لا تستحق ثمن الورق المطبوعة عليه، بسبب غياب النقد وإتاحة الفرصة للجميع للخوض في غمار الرواية، إضافة إلى أن بعض دور النشر تشجع على الطباعة والتسويق. «وللمفارقة فإن الأعمال الروائية بمختلف مستوياتها تلقى رواجا في معارض الكتاب وتدخل في خانة الأكثر مبيعا». وفي نهاية حديثه تطرق سمحان إلى السؤال القديم الجديد هل أصبحت الرواية ديوان العرب بعد الشعر، أم أن الشعر لا يزال يتربع على الفنون الكتابية. «إن قلب الشاعر إناء زهور وقلب الروائي جرة ذهب».

وجهة نظر النقاد

يعتبر الاكاديمي والناقد إبراهيم خليل، أن الإجابة عن هذه المسألة لا تحتاج لطويل تأمل، فالشكل، أو المعمار الروائي، يخدع كثيرين، فيظنونه سهلا، ويسيرا على أيٍّ كان أن يكتبه، موضحا «فما هو إلا أن يروي أحداثا، ويلفق متواليات تتحدث عن العلاقات العاطفية التي تربط سين بصاد، وما يتعرضان له من إشكالات يسببها المناخ الاجتماعي، أو المحيط البيئي، أو الاختلاف في العقيدة، أو في الطبقة الاجتماعية».
وأشار خليل إلى تحذير الكثير من هذا حين قالوا «إن السرد في الرواية يتمتع بنوع من الكاريزما التي تجتذب الكثيرين نحوه، فيحاولون أن يكونوا روائيين، لأن هذا يلبي في نفوسهم الرغبة في الشهرة، أو المال، إذا كان نشر الروايات يؤدي إلى تحقيق المزيد من المردود المالي، أو لتحويل الحكاية إلى فيلم، أو مسلسل تلفزيوني يدر على الكاتب كثيرا. مضيفا « ولما كان من الشعراء شعراءُ لا يشغلهم الشعر كثيرًا من حيث هو قضية، وإنما ينشغلون بقضايا أخرى كالشهرة، أو الحصول على جائزة، فإنهمْ أكثر الناس استعدادا للتحول من كتابة نوع غير روائي إلى الرواية». وبحسب خليل من العسير على الشاعر أن يكتب الرواية إلا إذا تجرد من كونه شاعرا. والسبب «لغة الرواية وعوالمها التخيلية تختلفان عن القصيدة، وعن لغة الشعر، فالشعر يكتب بلغة استعارية لا تخلو من تأنق، والخيالات في الشعر قد تتجاوز التعبير العادي إلى التعبير الرمزي في حين أن الرواية ينبغي لكي تنجح أن تكتب بلغة الحياة اليومية لا بلغة القواميس، أو التأنق المجازي». ولاحظ خليل من قراءته لبعض ما يكتبه الشعراء المتحولون من روايات أنهم لا يستطيعون كتابة الرواية بلغة الرواية فتكون رواياتهم أشبه بقصائد نثرية مطولة، ولا تخلو من تشتت، واضطراب، وتصنع يفسد المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه فن الرواية وهو التخييل.
فيما اعتبر الناقد الأردني زياد أبو لبن أن السباق الماراثوني في نيل جوائز الرواية السبب في كتابة الكثيرين للرواية في الوطن العربي، مبينا «وإن كانت الرواية تشكل ديوان العرب في العصر الحديث، كما قال جابر عصفور، فهناك تجارب مهمة جداً في الكتابة الروائية، ترقى إلى المستوى العالمي إلا أن المتسلقين أعتاب الرواية كثيرون». 
ويؤمن أبو لبن أن الرواية تقدم خبرات إنسانية راقية، تحمل في طياتها جماليات اللغة من زاوية، وتحمل رؤية واستشرفا للمستقبل، وهناك أدباء برزوا من خلال رواياتهم، وبغض النظر عن الجوائز ومصداقيتها، فهناك روايات تتجاوز السائد وتغاير المألوف. 
«الكتابة الروائية ليست بالمركب السهل الذي يمتطيه الكاتب»، لأنها بحسب أبو لبن – تعتبر عالما خلاقا، يحتاج لوعي للمرحلة، وثقافة واسعة، وخبرات لا تتأتى لمن يشاء. وتابع حديثه «ولا ننسى أن الشعر العربي الآن يدخل أزمة، وقصورا أمام أحداث جسام يمرّ بها الوطن العربي، وأصبحت القصيدة الجماهيرية هي الأكثر شعبية، وانحصر الشعر أمام بوابات النخبة المثقفة».

شريط الأخبار العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي أعمال تعبيد في عمان بمساحة 500 ألف متر مربع وبكلفة 3 ملايين دينار إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الأردن يرحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأخير بدء امتحانات الطلبة في لواء البترا السبت الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة ولي العهد يبارك للمغرب بطولة كأس العرب ويشكر قطر على حسن التنظيم النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية