اخبار البلد-
تخالف الصين وهي عملاق الاقتصاد الحديث والمعروف
عنها تاريخيا كـ» بلد يؤازر حركات التحرر العالمية» ، المفاهيم التقليدية للسفر
بمراعاتها خصوصية الضيوف وثقافتهم وليس العكس. ومع ان الصين تعد ثاني اكبر اقتصاد
عالمي الا ان لديها اصرار ان تثبت انها ما زالت بلدا ناشئا يسعى لتطوير
قدراته والنهوض بمستوى حياة مواطنيه دون طموح سياسي يوازي الحجم الاقتصادي لهذا
البلد الذي تقدر استثماراته الخارجية بحوالي 500 مليار دولار سنويا ، وهو ما اتضح
امام الوفد الصحفي العربي الذي زار الصين مؤخرا. وبهذا الخصوص تشكل مقولة الرئيس
الصيني وهو اعلى قائد للصين على صعيد الحزب والدولة شي جين بينغ « تطلع
ابناء الشعب الى الحياة السعيدة هو هدف كفاحنا» عنوانا للصين التي تعمل على فتح
افاق اوسع للتنمية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. ان النهضة الاقتصادية التي
يقودها الشعب الصيني وتميزه الفريد كشعب مسالم ومجتمع تسوده الطمأنينة ، اعادت
تشكيل مفاهيم غالبية اعضاء الوفد الصحفي العربي الذي عايش خلال الزيارة
التجربة الصينية الممتدة لنحو خمسة الاف عام من الحضارة والتاريخ بنى خلالها سور
الصين العظيم درءا لأخطار الاخرين وحماية للدولة التي يؤكد قادتها انها لم تكون يوما
دولة غازية.وعلى مدى اسبوعين اطلع 25 صحفيا من ثماني دول عربية (الاردن وفلسطين
والجزائر ومصر والسعودية وقطر وموريتانيا والعراق) على التجربة الصينية التي
تستقطب اهتماما عالميا متزايدا لاستكشاف المفهوم الصيني للتنمية الذي ارتقى
بالبلاد خلال فترة قصيرة وجعل منها قوة جبارة اقتصاديا بدلالة انه « لا يخلو من
منتجاتها بيت في العالم اجمع». ويبرر المسؤولون الصينيون اهتمامهم بالوفود العربية
التي تحل زائرة عليهم وبتعزيز التبادل الثقافي مع الشعوب العربية للحاجة التي
تلخصها مقولة قائدهم شي جين بينغ «ان الصين تحتاج الى مزيد من المعرفة عن العالم
ويحتاج العالم الى مزيد من المعرفة عن الصين». ويشتكي الصينيون من قلة الناطقين
باللغة العربية لتعزيز التواصل مع العالم العربي ويؤكدون انهم يتداركون حاليا هذه
الاشكالية ويعملون على زيادة عددهم.ومع ان الصين هي الابرز بين الدول الناشئة وتعد
شريكا تجاريا لحوالي 128 دولة عام 2014 مقارنة مع 70 دولة عام 2006 وتصنع 80
بالمئة من مجموع المكيفات في العالم و70 بالمئة من مجموع الهواتف المحمولة و60
بالمئة من مجموع الاحذية الا ان مسؤوليها يؤكدون بتواضع ان فيها «مشاكل تحتاج
لعشرات الاجيال للتعامل معها وانها دولة كثيرة السكان غير متوازنة كانت متخلفة
لسنوات طويلة». وبهذا الصدد يؤكد المسؤولون الصينيون ان البلاد تشهد حاليا عملية
تغيير واسعة لحل بعض التناقضات من خلال الاصلاح والتطوير الاجتماعي.ولم يشغل هذا
التقدم الاقتصادي الهائل الصينيين عن الاهتمام بالقضايا العربية بل اكدوا وبمشاعر
جياشة احيانا عن دعمهم للقضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية وقالوا انهم
يتابعون باهتمام الحراك العربي الذي يعاني من «عدم وجود توازن بين الحفاظ على صيغة
الدولة والسعي نحو الديمقراطية ما يلحق اضرارا بالمجتمع» وان الاخلال بهذه المعادلة
هو سبب الاحداث الدموية التي تشهدها المنطقة. وفي الشان الفلسطيني اكدوا انها قضية
تحرر وطني لشعب يعاني منذ عشرات السنين من احتلال جائر يجب ان يزول ووقفوا طويلا
امام كلمة فلسطين التي استعرض وفدها معاناته مع الاحتلال ونضاله من اجل
التحرر.الصينيون اصروا على ان يراعوا خصوصية الوفد الصحفي العربي وثقافته العربية
الاسلامية طيلة فترة الزيارة وجمعوا اعضاء الوفد بمسؤولين في الاقتصاد والسياسة
وتكنولوجيا المعلومات لعرض موقف بلدهم من قضايا عالمية واخرى داخلية تستغلها قوى
تحاول ان تصور الصين دولة على غير ما هي عليه.ولدى زيارة الوفد الصحفي
مقاطعة نينغشيا ذاتية الحكم التي تقطنها غالبية من «قومية هوي» المسلمة التي تشكل
8ر34 بالمئة من اجمالي السكان وعددهم 3ر6 مليون نسمة ، و كان لافتا استخدام مدينة
ينتشوان وهي عاصمة مقاطعة نينغشيا ويعود تاريخها لحوالي الفي عام وفيها مسجد عمره
500 عام، اللغة العربية في الدلالة على الشوارع والساحات مع ان تعداد العرب فيها
ليس لافتا واصدرت جريدتها المركزية اعدادا خاصة باللغة العربية تتحدث عن العلاقات
الصينية- العربية. ان خطوة مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة لجمهورية الصين
الشعبية الذي نظم برنامج زيارة الوفد الصحفي العربي برعاية وزارة التجارة لجمهورية
الصين واشراف مركز التدريب للمصلحة الصينية للنشر والتوزيع للغات الأجنبية تعد
مهمة في اعادة تشكيل الوعي العربي باهمية التجربة الصينية للمنطقة العربية التي
تمر بـ أسوأ ظروفها وتحتاج الى كل شريك مخلص في عالم القطب الواحد