بقلم : صابرين فرعون
يصوغ "حسام الزعبي" عوالمه الشعرية من خلال انفلات الذات في زحام التكاثر الهندسي في قصيدة النثر هرباً من التصحر للأنا الجمعية في ظل الحرب والدمار والموت , بلغة بسيطة غنية بالتصوير المشهدي الحي وكأنك تجلس أمام شاشة ثلاثية الأبعاد تندهش من ذرف الحرف دمع القهر ليروي عمق الألم الإنساني ..
ستون نصاً نوَّع في صورها الشعرية وجمع فيها بين التخييل والتشخيص , ليرقى بالروح عن الماديات , وليصور المحسوس ويغني الحرف شعوراً وفكراً وبساطة وإبداع ..
جرح وطنه ينكأ روحه , فكان الدافع الرئيسي للكتابة لديه , كذلك ترك لقرائه فرصة القراءات المتعددة والتأويل من خلال المغايرة والتنوع في الأساليب الأدبية والعبارات البلاغية والسرد الشخصي والمراوحة بين الأنا والذاتية وهي الوطن والمرأة في الخطاب الشعري ..
غلبت على نصوصه ظاهرة الثنائيات والمتناقضات التي أغنت البنية الدرامية بالجدلية والتي ظهرت من خلالها ثقافته العالية وتأثره بأديبات وأدباء لهم بالغ الأثر في إثراء المكتبة العربية أمثال غادة السمان ونزار قباني , وظهر ذلك في نصه "أخاف" : بين الحياة واللاحياة بين الشرف والعار ...
إدخاله للغة الطبيعة في السياق الشعري لافت بحيث يوظف المشهد البصري والتخيلي بأسلوبية التأثر والتأثير في القارئ كما في نصه "غربة وطن" , فقد وظف الرائحة واللون والشكل في رسم الصورة واقعاً أكثر من صور أدبية وبلاغية وأدخل عناصر من الطبيعة تشد القارئ ليدخل بستانه اللغوي الذي تمثل في النسيج العضوي للغة وبمفردات بسيطة انعكست على المجموعة ككل كما : أشجار الزيتون,بساتين التفاح والليمون ...
إحساسه بالحرف عميق يدعو للتأمل خاصة حينما يُدخل الاستفهام المثبت على النص داعياً إلى عدم تقييم العمل الأدبي من خلال معايير تكوينية وفنية وإنما دلالية أيضاً كما في نصوص "عصر الطغاة" و "لا أحد يجيب" و"صباح امرأةٍ في العشرين"..
عناوين النصوص كذلك تمتاز بالبساطة والحرفية في الصياغة الفنية والحفاظ على عنصر التشويق من باب القراءة في ميتافزيقية النص "ما وراء النسيج اللغوي" ..
راوح ما بين التقنيات الفنية التي استخدمها فامتازت نصوصه بالتهوين والاستعارة والتراسل الفني التي أدت إلى لمّ شتات الذات ووحدتها , أما عن الموسيقى الداخلية برغم أنها قصائد نثر , كانت واضحة في نص "إلى متى" ..
اعتمد "جملة شبه الجار والمجرور" للوصف في إطار اللغة المعنوية كما في نصيّ "جسدي مدنٌ" و"غريب", واعتمد حرف السين للدلالة على المستقبل القريب بدخولها على الفعل المضارع ليشكل فضاءً شعرياً وشاعرياً رحباً لعنصر "الزمنكان" ..
يُذكر أن حسام الزعبي شاعر وصحفي سوري , يحمل شهادة الإجازة في الاقتصاد ودبلوم مهني في العلاقات العامة والاتصال , وهو إعلامي في المجلس البلدي لمدينة المدام في إمارة الشارقة , صدر له :"قناديل وأحلام" وهي مجموعة شعرية صادرة حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع , وله تحت الطبع مقالات "أوجاع المدينة" , ورواية "ألم الذاكرة" ...