كاميرات محطات متعددة كانت تتجول أمام عينيّ في مؤتمر اللاجئين السوريين والإعلام وتبحث عن أي "متحدث" يساهم في تفكيك صورة مفككة ومحيرة في الواقع.
محطات مثل أورينت وبانوراما وعشرات الإذاعات انشغلت في التقاط ما هو جوهري في حفلة تبادل اللّوم بين المسؤولين الأردنيين واللاجئين السوريين.
لاحظت مثلًا أن ممثلي المستوى البيروقراطي في إدارة الحكومة الأردنية مهووسون بالخوف على "الهُوية الوطنية" من جراء تأثيرات اللاجئين.. موظفون درجة ثانية عبروا بوضوح عن ذلك واللافت أن هؤلاء يقولون ما لا يقوله المسؤولون الأكبر في المستوى السياسي.
شخصيا لم أستمع لأي وزير سياسي او رئيس وزراء يعبر عن مخاوفه لان "مخيم الزعتري أصبح أكثر أهمية وشهرة من البتراء".
بالعكس تماما يهلل كبار الساسة ويرحبون باللاجئ السوري تحت عنوان "إنساني" مخادع ومضلل لان المسألة بالأصل ليست أكثر من "متاجرة سياسية"… وحدهم أعمدة البيروقراطية الأردنية والاهالي يعبرون عن الضيق من "طغيان" اللاجئ السوري من حيث العدد والشراسة. كنت في قرية في محافظة المفرق وجالست عشرة أشخاص كانت شكواهم الأبرز: يوجد مخبز واحد في القرية والزحام شديد والحصول على كيلو من الخبز يتطلب الانتظار ساعتين.
السبب في ذلك؛ أن الفلاحة الأردنية لم تعد تخبز منزليا كما كان يحصل في الماضي.. يبدو ان الفلاحة السورية أيضا تفضل خبز السوق.
أمام كاميرا إحدى الفضائيات الى جانبي استمعت للاجئ سوري يسأل: لماذا يعتبرنا الشعب الأردني لاجئون اقتصاديون فقط ويتصرف وكأننا "سنبقى"؟. أجابه صديق وصحافي أردني: عزيزي.. أنتم باقون.