وزير الصحة الدكتور علي حياصات، من المسؤولين القلائل الذين تجاوزوا البيروقراطية الادارية، ويتعامل مع المراجعين باحترام، بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية، وهو يقدر حاجاتهم وانفعالتهم ويستمع لمطالبهم بهدوء.
لست مضطرا للنفاق لوزير الصحة، لكنني لمست ما أقول شخصيا عندما كان الدكتور حياصات، مديرا عاما لمستشفى الامير حمزة، فكان بإمكان أي شخص صاحب حاجة، دخول مكتبه ومقابلته دون موعد، ويستمع اليه دون أن يكون عابسا، ويستجيب لطلبات المراجعين في حدود الممكن، ويعمل على حل أي خلل إداري على الفور. كنت شاهد عيان على ذلك مرات عديدة، عندما كنت أراجعه بشأن قضية تتعلق بأحد المرضى.
ومع ذلك، فان ثمة ملاحظات عديدة، على الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة، لا شك انها متراكمة عبر سنين طويلة، ليس مسؤولا عنها الوزير، فهي تتعلق بنظام اداري، وشح الامكانات المالية، والضغط الهائل على المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة. وتزايد المطالب المالية للاطباء والممرضين والكوادر الطبية، وأحيانا سوء تعامل بعض الكوادر الطبية مع المرضى.
وكان أكثر جوانب الخلل الاداري طرافة، ما وصف ب «الطبيب المزور»، وهو شخص ليس له علاقة بالطب، أمضى بضعة أيام مؤخرا، وهو يرتدي لباس طبيب ويرافق أحد الأطباء، الذي تربطه به صداقة في مستشفى البشير، وكان يتجول مع صديقه الطبيب على المرضى، ثم بعد انتقال الطبيب - صديقه،يعود «الطبيب المزور» مع بعض المرضى المراجعين للمستشفى لممارسة هوايته ! حيث تم القبض عليه ! وقد اعترف مدير المستشفى، بأن خللا إداريا سمح بهذا العبث !
من جوانب الخلل الجديرة بالاشارة في القطاع الصحي، تركز بعض الخدمات التي تقدمها الوزارة في مستشفيات محدودة موجودة في عمان، وبالذات في مستشفيي البشير وحمزة، مثل إجراء بعض الصور كالرنين المغناطيسي والطبقية وهشاشة العظام، وإجراء عمليات ليست معقدة مثل شبكات القلب، فما الذي يمنع من وضع أجهزة التصوير المشار اليها في المستشفيات الموجودة في مراكز المحافظات، وإعفاء المرضى الذين يحولون من مناطق بعيدة، من تكبد عناء السفر الى عمان.
وقعت حوادث اعتداء عديدة، على أطباء وكوادر طبية من قبل ذوي مرضى،وهي تصرفات مرفوضة ومدانة، لكن تحت ظروف قاهرة تخرج النزعات البشرية عن طورها، وبينها الانفعال في حالات المرض، وقبل أيام راجعت سيدة مسنة عيادة القلب في مستشفى حمزة، بناء على موعد محدد منذ عدة أشهر، وهي تراجع بشكل دوري بحكم انها أجرت سابقا عملية تغيير شبكات للقلب، وبعد انتظار بضع ساعات وسط الاكتظاظ الشديد،دخلت على الطبيب، فسألها بعدم اكتراث عن حالتها، ولم يجر لها أي فحص، وقال لها أنها بصحة جيدة،ولم يحدد لها حتى موعدا آخر للمراجعة كالعادة، فمهما كانت الضغوطات على الطبيب جراء الاعداد الكبيرة من المراجعين، فالواجب الطبي يقتضي التعامل مع المريض بمسؤولية مهنية وانسانية.
واذا كان الحال كذلك في أحد أهم مستشفيات وزارة الصحة،فان حالة العديد من المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في المحافظات أكثر إحباطا للمرضى، بل هناك الكثير من الشكاوى التي يتحدث عنها المرضى، حول التعامل معهم بعدم اكتراث، سواء في التشخيص أو العلاج والمعاملة.ذلك لا يعني التعميم،فهناك الكثير من الأطباء والكوادر الطبية، يقومون بواجباتهم بإخلاص تحت ظروف ضاغطة.