بالنسبة للخزينة فهي تريد من أي قانون ضريبة أن يحقق أعلى قدر ممكن من الإيرادات لسد عجزها، أما بالنسبة لدافع الضريبة فهو يريد أن يدور المال الذي يدفعه إلى خدمات تعم المجتمع.
خذ مثلا الرسوم والضرائب التي تتقاضاها أمانة عمان الكبرى، وفي أبسطها ما يسمى برسم مواقف التاكسي، أين هي المواقف؟
يكاد هذا التناقض ينطبق على مجمل الرسوم والضرائب التي لا تذهب عائداتها الى الخدمات التي سنت من أجلها، هذا الخلل سيبقى قائما طالما يستنزف عجز الموازنة وبنود الرواتب والنفقات الجارية للحكومة معظم إيراداتها على حساب الخدمات، وهو ما يقود الى تشوهات كثيرة، تدفع دافع الضريبة لأن يسأل عن مصير عائدتها، وتدفع عدم القناعة بهذا المصير الى التهرب باعتبار أن دفع الضريبة ليس واجبا وطنيا، طالما أن المال يذهب من فئة منتجة لصالح دعم غير مستحق لفئة غير منتجة.
هذا تناقض صارخ ساهم في إخفاق كل قوانين الضرائب ليس في الأردن فقط بل في كل البلدان النامية في تحقيق أهدافها.
عرف مصطلح «دافع الضريبة» أو «taxpayer» في أوروبا وأميركا، يرفعه المواطن مثل كرت أحمر في وجه الحكومة عندما تقصر في خدمته كصاحب حق، لكنها تقول لنا في ذات الوقت أن مكان إستخدام واردات الضرائب هي في الخدمات، صحة وتعليم وطرق ونظافة عامة ومئات الخدمات الحكومية وأجور مقدمي هذه الخدمات.
أهداف قوانين الضرائب معروفة، بدءا بتوزيع عوائدها بعدالة, واستخدام أمثل للإيرادات, وتحقيق ذلك سيسهم بلا شك في تغيير المفهوم السائد للضريبة وتحويله من مفهوم الجباية الى مفهوم الواجب والالتزام عندما يطمئن دافع الضريبة الى أن توزيع العبء الضريبي يجري بعدالة وأن إنفاق عائداتها تحقق عدالة أيضا.
في كل مرة تعاني فيها الخزينة مشكلة في الإيرادات تتجه الى رفع الضرائب على السلع التي تسميها كمالية، مثل التبغ والسجائر والكحوليات والجلود والاتصالات والملابس والاكسسوارات وغيرها، والحقيقة أن الدراسات العلمية وغير العلمية لم تثبت بأن مثل هذه القرارات زادت من إيرادات الخزينة، لكنها في ذات الوقت لم تخفض الإستهلاك ولم تحد من التهرب والتهريب، الذي ينتعش في ظل الضرائب المرتفعة.
ستبقى قوانين الضرائب محل جدل. طالما أن الدعم غير المستحق يحرق عائداتها على حساب الخدمات.