في خضم الأحداث الجارية في العالم العربي يقدم الأردن بقيادته الحكيمة مثالاً ونموذجاً للمجتمع الواعي، الذي يُحكّم العقل ويدعو لما يحقق رفاه المواطن وتوفير سبل الحياة الكريمة، ومواصلة برامج التحديث والنمو في جميع قطاعات الدولة، فالأردنيون يجمعون على الإصلاح والتطوير بعيداً عن الفوضى والنزول للشارع وتعطيل مصالح المواطنين، مؤكدين على إنخراط الجميع في حوار حقيقي بنّاء ليس لمجرد إحتواء اللحظة الراهنة، واللعب على عامل الوقت، بل للوصول لتفاهمات وطنية حول إعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية وتفعيل العمل الحزبي المنظم ودفع هذه التفاهمات إلى بوتقة التشريع وصهرها في تفاصيل حياة المواطن.
هذا النهج لم يكن حالة استثنائية دفعت بها اللحظة الراهنة التي تجتاح العالم العربي اليوم أو قفزاً عن الحالة المعتادة، فمسيرة الإصلاح والتحديث متواصلة وهي تمثل رؤية جلالة الملك التي ظهرت جلية في جميع ممارسات الحكم، والتي تتصف بالفهم الدقيق والمتزن لحركة التاريخ وما يستجد من متغيرات محلية أو عالمية، فكان جلالته دائماً مبادراً في اتخاذ خطوات عملية جاءت جميعها ملبية لطموح الشارع الأردني، ليكون منهج الإصلاح والتحديث ناتجاً عن توافق بين جميع أطياف المجتمع، وما تشكيل لجنة للحوار الوطني ولجنة ملكية لمراجعة الدستور وسن تشريعات وقوانين تعزز العمل الحزبي وإجراء تعديلات ملائمة لحاضر الأردن ومستقبله إلا خير دليل على ذلك.
إن الغالبية العظمى من الأردنيين يدركون خطورة المرحلة الراهنة ويرفضون الدعوات غير المبررة للتصعيد والصدام وعدم الجلوس إلى طاولة الحوار من قبل قلة قليلة ممن يسعون لتوظيف المطالبة بالإصلاح لخدمة أجنداتهم الحزبية أو الفئوية خارج السياق العام والرؤية الشمولية لعملية الإصلاح، طامحين للفوضى والإنفلات عن طريق التشكيك في كل مبادرة للإصلاح والسعي لتصعيد حالة صدامية مستغلين مساحة الحرية التي يتيحها الأردن بإرادة جادة في تنمية سياسية واعية لأبنائه دون إملاءات أو ضغوط من أحد، هذه الفئة وجدت نفسها أمام عدم قبول ورفض للممارسات والطروحات التي تقدمها، فقناعة الأردنيين أن جلالة الملك هو من يقود مسيرة الإصلاح والحريص على الدفع صوب إصلاحات حقيقية، جعلتهم يرفضون كل صور التعدي والخروج على القانون وإثارة الفتن، وهذا يدلل على إدراك الجميع أن بعض الممارسات بدعوى حرية التعبير والتفاعل مع الأحداث في المنطقة هي إلتفاف على ما يتمتع به الأردن من أمن وأستقرار، وهذا يؤشر إلى درجة عالية من الفهم لتداعيات ما يدور من أحداث وقراءة واعية للمشهد بعدسة أمن الوطن وأستقراره، فالوطن للجميع ومن واجب الجميع حمايته والحفاظ عليه.
المطلوب اليوم من الجميع العمل لتحقيق رؤية وإرادة قيادتنا الحكيمة في المضي قُدماً نحو أردن جديد وتدعيم أركان دولة الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص وذلك بتفعيل قوانين حماية المال العام والنزاهة في اختيار من يشغل وظائف الدولة، ولا يعيبنا الإستفادة من الحالة السائدة اليوم بضرورة إعادة النظر ببعض البرامج والطروحات ومراجعة الآليات المتبعة لتفادي السلبيات ومعالجة الخلل الحاصل في التعامل مع مشاريع تعثرت أهدافها في المرحلة السابقة.