سوف يستمر الجدل لاسابيع او اكثر حول معايير النصر الذي تحقق في غزة ومن هو المنتصر الحقيقي ؟ ، اهي اسرائيل التى تقول انها دمرت مخزون الصواريخ الموجودة لدي حماس وقتلت عددا من قيادييها الخطيرين كما تقول انها دمرت اكثر من 90 % من الانفاق وانها اجبرت حماس في النهاية بالموافقة علي الورقة المصرية واتفاق الهدنة ؟ ، ام هي حماس التى تقول انها لقنت اسرائيل درسا لن تنساه ، وقتلت 67 جنديا اسرئيليا في معركة « العصف المأكول « ، ووصلت صواريخها العمق الاسرائيلي وحاصرت مطار بن غوريون لاول مرة في تاريخه ، ونفذت عمليات نوعية في بعض مستوطنات غلاف غزة ، واسرت جنديا وفرضت علي اكثر من مليون اسرائيلي النوم لاسابيع في الملاجئ ؟؟
بمعني اخر حماس اعتبرت صمودها في وجه الجيش الاسرائيلي لمدة خمسين يوما هو انتصار بحد ذاته ، واسرائيل اعتبرت خسائر حماس اللوجستية والتسليحية والبشرية نصرا بحد ذاته ، لانه افقد حماس وفصائل المقاومة القدرة علي معاودة الحرب مرة اخري ولفترة طويلة.
والجدل بشان من انتصر في غزة مازال يشكل المادة الاساسية بين النخب في العالم العربي ، وبين العامة فيه بخلفياتهم الثقافية المتعددة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث يختلط داخل محتوى هذا الجدل ، العلمي والواقعي الذي يُغلب التحليل السياسي معززا بلغة الارقام وسرد الوقائع ، بالعاطفي المعزز بالدعوات الثورية والمُغيب لحجم المأساة الإنسانية التى أصابت غزة وأهلها بل والتعامل مع البعد الإنساني للحرب علي غزة او مبرر الحرب بعقلية وسلوك من « يريد قتل ذبابة تقف فوق انف طفله فقام بضربها بحجر « اي بالقول لا يهم ما جرى المهم ضُربت اسرائيل !
وفي كل الاحوال فان لاسرائيل مشروعها الواضح في ادامة الاحتلال وتقليل كلف استمراره ولا نية للسلام لها على مدي العقد القادم علي الاقل ، ولكن ما هو مشروع حماس سواء قبل « النصر « او بعده ؟ ، وما هي الاهداف التى تحدث عنها رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل عندما قال ان هذه الحرب لن تكون الاخيرة ، وان حماس سوف تستمر في المقاومة حتى تحقق اهدافها !
فما هي هذه الاهداف التى اشار اليها مشعل ولم يعلنها ؟
هل من بينها تحرير الارض الفلسطينية ضمن الرؤية السياسية العامة لمنظمة التحرير وفصائلها والقائلة باقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس ؟
ام ان الهدف الرئيسي لحماس هو اقامة دولة للحركة في غزة « حماستان « ورفع الحصار عنها من خلال فتح المعابر واقامة الميناء واعادة بناء المطار واقامة علاقات مباشرة مع حلفائها في الاقليم والعالم وخلق واقع غزي جديد يجعل من الانفصال الجغرافي مع الضفة حالة دائمة ؟
وهل تستطيع حماس ان تقول لنا ماذا كان هدفها من الحرب الاخيرة ومن خطف الاسرائليين الثلاثة وقتلهم ؟
هل كان لمثل هذا الفعل ؟ اقصد الاختطاف الذي ردت عليه اسرائيل بإعادة سجن الاسرى المحررين بصفقة شاليط علاقة باي من الاهداف الفلسطينية المدرجة علي الاجندة الوطنية الفلسطينية كوقف الاستيطان او منع تغول قطعان المستوطنين على الاقصي وانتهاك حرمته ؟
بالطبع لم نسمع عن شئ من هذا القبيل ، خُطف الاسرائيليون الثلاثة وانكرت حماس اختطافهم ولم تعلن عن هدفها من وراء خطفهم ولا بررت لاحقا قتلهم وسبب رميها لورقة ثمينة كان بالامكان توظيفها لاهداف وطنية مهمة وجوهرية مثل ورقة شاليط مثلا !
كان واضحا ان الهدف من كل ما سبق هو الذهاب الى الحرب ، وهل الحرب كل عامين هو هدف بحد ذاته ؟؟
حرب عام 2006 وخطف شاليط ، حرب عام 2008 – 2009 ، حرب عام 2012 ، وحرب عام 2014 ؟؟!
ام ماذا ؟
وفوق كل تلك الاسئلة ، هناك السؤال الاستراتيجي ؟
هل حماس علي استعداد لان تكون جزءا من الحالة الفلسطينية ومن جسم منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها السياسي وان تبتعد عن اهداف وسياسات التنظيم العالمي للاخوان المسلمين واهداف كل من انقرة والدوحة ؟
ام لا تستطيع ؟
انها اسئلة برسم حماس المنتصرة !!
وعلينا انتظار الجواب ؟