الهجمات الاستباقية وضرباتها فوق وتحت الحزامية، التي شنتها جيوش الفيسبوك وتويتر وعنتريات الإعلام المجتمعي الهاجع (المنجعي والمتكئ) أجهضت مهرجان (البيجامات) المزمع نومه أو صحوه في عمان. بحجة أن هذه المهرجانات وأخواتها وبنات عمها (دخيلة) على عاداتنا وسوادينا وواقعنا التليد المجيد.
المهرجان كان فرصة لنرى الناس ترفل بثياب الاسترخاء الناعمة الناعسة بعيداً عن أجواء التشنّج والتبعّج، التي تلف صحونا وحياتنا. وفرصة أيضاً أن ندخل في المعارك الحميمية المقامة على هامشه باستخدام مختلف وسائد الريش بكل مرح وفرح، أو أن نأخذ شبه غفوة تحت شجرة دون أن يفزعنا كابوس بدبوس.
كان من المنطقي لو أننا ناهضنا وقاومنا وحاربنا بذات الشراسة والعنفوان والهوبرة المهرجانات اليومية (التي ليست دخيلة على مجتمعنا) المتمثلة (بفاردات) الأعراس ومواكب الخريجين (النضوات) حين تغتصب شوارعنا ووقتنا وتخلخل مزاجنا وتعصلج أعصابنا، أو أن نستنكر مهرجانات (الطيخ طاخ) التي لا ينقطع نسلها في سمائنا ليل نهار، ويروح ضحيتها أبرياء في بيوتهم.
لا أدافع عن البيجاما ومهرجانها، ولكني أقول: بماذا يختلف مهرجان البيجاما عن مهرجان خروجنا إلى المطاعم والسوبرماركت في صبيحة كل جمعة باللباس الرسمي للنوم؟!. أو في بعض الأحيان خروج الكثير منا لصلوات المغرب والعشاء والفجر بهذا الزي البيتي الذي لا يليق وجلال المسجد؟!. وبماذا سيختلف هذا المهرجان عمن موضة هذا الصيف في بعض جامعاتنا وأسواقنا، وكيف صار سروال النوم غير الفضفاض موضة تحتذى لبعض البنات؟!.
مشكلتنا بالانفصام الذي نحياه ويحيانا. مع الأسف، وهذه ليست قسوة مني بقدر ما هي مكاشفة النفس للنفس. نحن نناهض أشياء نقترفها ونعيشها فنحيا الإزدواجية بكل أريحية، دون أن يرفّ لنا جف. كلنا يشمئز من الزوامير على الإشارات والطرقات، وكلنا يده والزامور!. وكلنا يستنكر مواكب التخرج ولولحة الأجسام من سقوف السيارات، وكلنا يسير فيها لابن أو قريب أو جار!.
صحيح أن البيجاما كلمة فارسية تطلق على سروال النوم الفضفاض، لكن مهرجانها سيبدو مناسباً لأمة تنام عميقاً، سيما إن عرفنا أن أكثر الكتب مبيعاً في عالمنا العربي هي كتب تفسير الأحلام (يأتي بعدها كتب الطبيخ والنفيخ والشعوذة). ولهذا فمن باب أولى أن يكون لدينا أربعة مهرجانات للبيجامات تتلاءم مع كل الفصول والدخول والسمنة والنحول!.
ملاحظة لبعض الرجال: السروال المبقع والفالينا المثقبة لا يندرجان حكماً في بنديرة البيجامات. وسلامتكم.