يفتح توقيف الناشط العمّالي محمد السنيد الباب مجددا على تساؤلين جديدين: أحدهما ينصب في أساس نشوء الحراك قبل ثلاث سنوات، ويصاغ في؛ هل انتهى الحراك الشعبي في ذيبان كما بدأ؟ فقد بدأ الحراك في ذيبان باعتقال السنيد حين طالب وزملاؤه بحقوق عمال المياومة بعد أن أقاموا عدة إضرابات واعتصامات أمام وزارة الزراعة، وانتهى قبل أيام باعتقاله مجددا بعد مقابلة مدير الإقراض الزراعي ومطالبته إياه بقرض زراعي وبضمان شيكي، لكون السنيد من دون راتب شهري يقتطع منه قسط القرض الزراعي، أما السؤال الآخر فيغوص في أفق انتظار الحكومة ومدى استجابتها وتعاطيها مع كرة الحراك التي رمى بها الربيع العربي وتدحرجت حتى أخذت بالذوبان والتلاشي، فتناثر عقدها وتشتت أصواتها لأسباب منها عدم انسجام الحراكيين وتشتت مطالبهم وفردانيّة بعضهم، وبين هذين السؤالين يستجوب المواطن نفسه متأملا ليعيد النظر في مدى استفادة الحكومات الأردنية التي بالتأكيد درست المطالب الحراكية، فأفادت من بعضها وتناست بعضها الآخر.
غير أن محمد وزملاؤه يرون أن شكل الاعتقال الأخير يعيدهم للمربع الاول المتمثل بوجود محسوبيات واستثناءات غير قانونية تقفز عن حاجة المواطن – كما محمد هنا – لقرض زراعي في الوقت الذي تمنح فيه قروض لآخرين لا حاجة لهم بها. المربع الأول هنا يحاكي بواكير انطلاق الحراكات الأردنية التي بدأت اقتصادية ثم غُلفت سياسيا، وراحت الحكومة تدرس بعضها وتَعِد بالوقوف على حاجيات المواطنين ومطالبهم التي كان لرئيس الوزراء دور في إيصالها وتبنّيها حين كان نائبا، إذا ثمة مدة زمنية ماثلة بين زمني الاعتقال، وثمة شيءٌ لم يتغير أو بقي مكانَه، وان سجلت لاحقا بعض المتغيرات التي عززت من المؤسسية في القطاعات وأرعبت أوكار الفساد والى حدٍ ما، لكن الفئة الأهم في النسيج السكاني ألا وهي الشباب وأرباب الأسر لم تجدا بعد حلّا جذريا يحسب حساب مستقبلهم ويعالج همومهم وقضاياهم العالقة التي من أهمها الحاجة الاقتصادية، فئة تحتاج إلى أن تجد السبيل لتدبر أمور الحياة وقسوة العيش، فحاجة شاب ذي أسرة كمحمد لقرض زراعي أولى من حاجة متنفذين، ويبدو هنا أن الحكومة الأردنية سهلت أمر القروض الصغيرة ودعم المشروعات، لكنها لم تعالج أمور الإقراض الزراعي وشروط منح مثل هكذا قروض لمستحقيها.