نجحت إسرائيل بإسناد من الوسيط المصري بإجهاض حلم المقاومة الفلسطينية بقطف ثمار تعديلها لميزان الرعب مع العدو الصهيوني , بعد أن دخلت المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية في دهاليز الهُدن المؤقتة التي تتمتع بعمر افتراضي بأقل من صلاحية علبة الحليب السائلة , وبقبول تبريرات الكيان الصهيوني بعطلة السبت وبعدها عطلة الأحد للوفد الأمريكي وأكاد أزل واقول عطلة الحلاقين غدا .
العَبق الذي فاحت رائحته مع رائحة دم الشهداء طوال شهر , تكاد أن تطغى عليه عفونة التخزين السياسي السيئ مِن اطراف الوساطة المصرية والأمريكية , فلم يعد المواطن الفلسطيني يرى صواريخ المقاومة تثأر لدمه السائل ولم يعد يسمع عن قتلى في المعسكر الإسرائيلي يطفئ تعدادهم نار ضحاياه , وكأن المسلسل السياسي المكرور هو سيد الموقف , فإسرائيل تحتاج الى تهدأة تسترجع خلالها اسبقيتها التاريخية وتحتاج اكثر الى ان يرى مجتمع الاحتلال دم الشهداء يسيل دون ردة فعل من المقاومة .
كل ما تم تحصيله في القاهرة حد اللحظة تبريد صواريخ المقاومة التي نثق أنها قادرة على التسخين في اية لحظة , مقابل انعاش دوامة العنف في العراق حتى يطغى الدم العراقي على الدم الفلسطيني وينشغل العرب مجددا بداعش وفتاوى اولوية الجهاد في فلسطين او في عواصم الهلال الخصيب بالدم والتطرف والعنف , بعد ان دخلت الطائرات الامريكية اجواء العراق مجددا وما زالت قاصرة عن حماية أجواء غزة رغم التزام فصائل المقاومة بالتهدأة.
قديما قال اجدادنا " اضرب الحديد وهو ساخن "، والغيُّ الصهيوني نجحت المقاومة بكسر شوكته بفضل سخونة ضرباتها وبدل أن نثني فوهة المدفع الإسرائيلي ثنت الهدنة صواريخ المقاومة وفوهات بنادقها , وأحبطت واقعا فرضته المقاومة كان قريبا لتحقيق الهدف المؤقت على الاقل برفع الحصار وفتح المعابر , في خطوة تستلزم شهداء جددا لعودة الواقع الى اصله القريب وكأن الفي شهيد فلسطيني لا يجلبون فتح معبر واحد او إدخال شحنة وقود او اطنان من الاسمنت لإعادة الإعمار بسرعة ووقار من المعبر الفلسطيني وليس من كرم ابو سالم .
الهدنة المؤقتة وطروحات تمديد توقيتها وفقا لفواريق التوقيت الصهيونية ستعيد انتاج الغطرسة الاسرائيلية وتكسر شوكة شعوب استلهمت من صمود المقاومة ونصرها أملا بإعادة إعمار توابع زلزال الربيع العربي الذي نجح بخلخلة البناءات الاساسية للدولة العربية وجعلها اقرب الى الدولة الفاشلة منها الى الدولة الراغبة بالنمو والاصلاح والتنمية ولعل هذا الافتراض موجود في مخزن العقل الوسيط صاحب انتاج التهدئات وديمومة انتاجها .
فهذه التهدئة وغيرها لن تنجح بإحباط المقاومة التي اشتمت رائحة النصر ورائحة تعديل الموازين , وهي قادرة على اعادة فتح الجرح الصهيوني مجددا فلا شيء يغري بالنجاح الا النجاح نفسه والمقاومة دون شك استطعمت طعم النجاح بعد ان قطعت مسافة الصمود كنجاح افتراضي لا يمكن التقليل من شأنه ولكن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية سئمت قصة نجاح الصمود او الاكتفاء به بدل النصر الذي يفرض ايقاعه على مستقبل الحياة امام الصمود الذي ينجح بإبقاء الوضع كما هو قائم.
ثمة رائحة مقلقة في صمت الوسيط العربي والاجنبي على المماطلة الاسرائيلية حيال المفاوضات الجادة التي كان يجب ان تُعقد والدم متساوٍ في السيلان , وهي تعطي مؤشراعلى منح الكيان الغاصب فرصة تضميد جراحه فيما الدم الفلسطيني ينزف ويزداد الجرح اتساعا , وثمة احتمال ان تتحول التهدئة الى ملح على جراح الفلسطيني بعد ان كانت كل السيوف عليه .