البعض يجيب على هذا السؤال بالقول ..إننا نعيش في دولة القانون والمؤسسات، وان صاحب اي حق يستطيع تحصيل حقه، والبعض الآخر ينفي ذلك ويؤكد ان احوالنا تتدهور في شتى مناحي حياتنا، وصولا الى المعاملات التجارية والانسانية...والعبد لله يرى ان كليهما على حق، فكل ينظر للموضوع من زاوية مختلفة، فالاول يتحدث ظاهريا عن حياتنا، ويرى ان اي مظلوم يستطيع التظلم، والسواد الاعظم من الاردنيين يستطيعون رفع قضية على خصومهم وصولا الى رئيس الوزراء، والثاني يرى تماديا غير مسبوق، واستشراء التغول على الاموال العامة والخاصة، وان ترجمة الاصلاح الاقتصادي والمالي تحتاج الى معاجم وقواميس لفهمها والتعايش معها والاقتناع بها.
هذا الوضع بما عليه وله يستحق الاحترام والاعتراف بأننا نعيش بكرامة تحت القوانين، برغم نتيجة الكثير من القضايا المرفوعة على المسؤولين التي يكون مصيرها الخسارة، وفي احسن الاحوال يتم اعتبار المسؤول في قضية النزاع ...(عدم مسؤول)، وباعتبار المقارنة والنسبية هي من افضل معايير القياس في هذه المرحلة، فالاردن من افضل دول الاقليم ان لم يكن افضلها.
وهنا لابد الاقرار بأننا نظهر تقدما ملحوظا في حياتنا ونوظف مفردات العصر وادواته لتضييق الفجوة مع الشعوب والامم المتقدمة، الا ان الحصيلة الكلية تؤكد اننا ما زلنا نراوح مكاننا، وفي جوانب جوهرية نظهر تراجعا مريعا، ومن مظاهر ذلك انخفاض قدرة الغالبية العظمى من المواطنين على الوفاء في تلبية احتياجاتهم واسرهم، وهذا نتيجة طبيعية لسياسات مالية قاسية صمتت دهرا ونطقت كفرا، الى جانب تطبيقات غير فعالة للقوانين التي تنظم حياتنا اقتصاديا وماليا.
هناك منظومة قانونية بعضها حديث والبعض الاخر قديم مضى علية عقود، وهذا يتطلب اعادة النظر في هذه القوانين، والاصعب من كل ذلك تطبيقات التشريعات، اذ تجدها تبالغ وتغالي تارة وتختفي تارة اخرى، ومن الامثلة على ذلك ...الاساس في الحجز التحفظي هو حماية حق المدعي، ويمكن تحقيق ذلك بحجز بمقدار قيمة الدعوى مع نسبة تحفظية، والقانون نظم ذلك، ومع ذلك ما زلنا نحجز على اصول وموجودات قيمتها ملايين من الدنانير للوفاء بالالاف من الدنانير، وهذا ينطوي على اضرار بالناس وبيئة الاستثمار.
وهذا السلوك القهري يمارسه مستثمرون بحق القطاع الخاص، ويمارسه في نفس الوقت مؤسسات رسمية وهيئات القطاع العام بحق القطاع الخاص، وهذه نماذج لممارسات مؤلمة تعطل المسيرة وتكبح المبادرات، وهي شكل من اشكال جلد الذات، وانحراف بالنماذج التنموية، لذلك من غير المفهوم وغير المبرر ان يجتهد الاردن وتحمل التضحيات في سلسلة برامج ممتدة، ثم نعود الى المربع الاول... دول القوانين والمؤسسات تبنى على تشريعات عصرية وتطبيق منفتح ومسؤول.
zubaidy_kh@yahoo.com