بعد قرابة اسبوعين على بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، فرضت مجزرة حي الشجاعية التي سقط فيها ما يزيد عن ستين مدنيا فلسطينيا نفسها على وسائل الاعلام الغربية والعربية. منذ صباح الاحد توالت التقارير الصادمة عن حجم الدمار والموت في ذلك الحي الذي دكته المدافع الاسرائيلية عشوائيا فسقط العشرات من النساء والاطفال في الشوارع وتحت الانقاض. لم يستطع الاعلام الغربي تجاهل الجريمة وجاءت شهادات المراسلين وصور القتلى لتؤكد ان اسرائيل تستهدف المدنيين في الوقت الذي فشلت فيه عن تحقيق هدف العملية العسكرية المعلن وهو وقف اطلاق صواريخ المقاومة.
كذلك كان رد فعل الاعلام الغربي عندما قتلت قذيفة اطلقت من البحر اربعة اطفال فلسطينيين كانوا يلعبون الكرة على شاطئ غزة امام فندق يقطنه معظم المراسلين الاجانب الذي سارع بعضهم لانقاذ الجرحى. لكن دوائر صنع القرار في غرف التحرير في الفضائيات والصحف الغربية تدخلت اكثر من مرة فسحبت شبكة «ان.بي.سي» مراسلها في غزة، وكان شاهدا على جريمة قتل الاطفال، بعد يوم فقط من تقديمه تقريرا القى باللائمة على اسرائيل. وكذلك فعلت شبكة «سي.ان.ان» عندما استدعت مراسلتها في اسرائيل بسبب عدم توازن تغطيتها.
اسرائيل تدرك أهمية الحرب الاعلامية واثرها على الرأي العام العالمي بينما تبحث عن غطاء لعدوانها الهمجي على غزة. هي تحذر المراسلين الاجانب من دخول القطاع وتوقعهم على تعهد يقول بانه لا يمكن ضمان سلامتهم. كما انها توظف وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لرؤيتها لما يحدث في غزة، بحيث تظهر هي كضحية لصواريخ المقاومة التي تهدد أمن ملايين الاسرائيليين، اضافة الى ادعائها المستمر بأن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية وتخزن الصواريخ في المساجد والمنازل والمدارس والمستشفيات.
في ظل الصمت الرسمي العربي والدولي وعجز مجلس الأمن عن ادانة العدوان ووقفه، يبقى الاعلام عامل الردع الوحيد ووسيلة الضغط المتبقية على اسرائيل. وشهدنا كيف نظمت التظاهرات في لندن وباريس وغيرها، مع غيابها في العواصم العربية، تنديدا بالعدوان ونصرة لشعب غزة المقهور وذلك يعود الى دور الاعلام اضافة الى وسائل الاتصال الاجتماعي التي كشفت حجم الجرائم الاسرائيلية خصوصا تجاه الاطفال والنساء.
مع توسيع العملية البرية والتمهيد لها من خلال القصف العشوائي الهمجي للمنازل والاحياء السكنية سيزداد عدد الضحايا من المدنيين متزامنا مع كارثة انسانية حذرت الامم المتحدة منها حيث تجاوز عدد النازحين الستين الفا احتموا بمدارس وكالة غوث اللاجئين في القطاع. هناك انقطاع للكهرباء وتلوث لمياه الشرب ونقص حاد للادوية في المستشفيات ما يعني ان الايام القادمة تحمل الاسوأ بالنسبة لآلاف الفلسطينيين.
يستطيع كل منا ان يقوم بدوره في اماطة اللثام عن وجه العدوان البشع من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي بنشر التقارير والصور ونقل الشهادات الحية. انه اقل ما يمكن فعله في ظل تواطؤ الانظمة وسكوتها المريع عما يحدث في غزة من جرائم ضد الانسانية. تغيير الرأي العام العالمي هو وسيلة الضغط المتبقية على اسرائيل لكي تكف عن عدوانها. واذا كان ضمير الانظمة قد مات فضمائر الشعوب لا تزال حية