مللنا من كثرة الكلام، فلا دين يمنع أولئك المطبعين، ولا شرف، ولا عروبة، ولا بقايا إنسانية، ولا تعرف ما هي مشاعر المطبعين في الاردن هذه الايام، أمام قتل الناس في غزة؟!.
الرجال أنواع، بعضهم ولد بضمير، وتم خطف ضميره، خلال حياته، فرضي بذلك، وبعضهم ولد بضمير وتم خطفه خلال حياته، الا انه استرده ذات صحوة، وبعضهم وُلد بلا ضمير اساسا، وقد كتب الاطباء في خانة العلامات الفارقة في تقرير ميلاده، انه «وُلد بلا ضمير».
المطبعون في الاغلب من النوع الاخير، لان حتى اولئك البشر من غير العرب والمسلمين، يفقدون عقلهم امام مذابح غزة، لانهم بشر وفيهم انسانية، فيما بعضنا، لا فيه صفات المسلم، ولا العربي، ولا البشر ايضا.
لدينا مجموعة من المطبعين في الاردن، ومثلها في فلسطين، ومصر، حتى لا تبدو القصة مساسا بالاردن، باعتبار ان البقية شرفاء واطهار، وقبيلة المطبعين، موجودة في كل مكان، وهي تنتسب زورا الينا، والى عناويننا في الاردن وفلسطين ومصر، ودول اخرى.
الذين يستوردون الخضار والفواكه من اسرائيل، وآخرها نصف مليون طن «جزر» من اسرائيل - ينقصنا جزر اسرائيلي فوق مافينا من جزر- والذين يدعمون جيش الاحتلال والاستيطان بكل هذا الدعم الاقتصادي، واولئك الذين يصدرون كل شيء من هذا البلد الى اسرائيل، من حجارة البيوت المقصوصة من قلوبنا، لتصطف حجارة في المستوطنات، وصولا الى الاف اطنان الزيتون اذ يتم بيعه لاسرائيل وهو على شجرة، ولو نطقت الزيتونة لتبرأت من قاطف ثمرها.
هل اولئك بشر حقا، ولديهم شرف وكرامة، اذ يتاجرون مع اسرائيل، ويربحون من اسرائيل، ويصبون المال ايضا في جيوبها، حتى تشتري رصاصا وصواريخ، لتقتل الابرياء من شعب فلسطين، ثم كيف ينام هؤلاء، وكيف ينظرون الى عيون اطفالهم، التي تستمد بريقها، من مال حرام، ودم مسموم، اصله دماء المنكوبين، والمشردين، منذ ستين عاما واكثر؟!.
هي دعوة هنا، لمن ولد بلا ضمير، ان يقف ليفكر، وان يسترد ضميره المخطوف، على الطريق، هذا اذا اراد حقا، ان لا يذهب الى آخرته بهذه الصورة، وذنوبنا الفردية، الصغائر والكبائر، يعفو عنها الله، لانها فردية، اما حقوق الامة، فيالها من حقوق، لا يقدر الا الموتى الاحياء على حملها، لان لا نور في قلوبهم، ابداً.
اولئك ايضا الذين يفردون السلع الاسرائيلية في محالهم التجارية، دون تمييز، شركاء اليوم في الجريمة، وللاسف فقد يقومون تحت وطأة اللحظة بمنع هذه السلع، لكن سرعان ما يجف الدم ويعودون الى ذات خياناتهم الصغيرة، ويا ليتنا نربح، اذ كلما غرقنا في المحرمات الدينية والسياسية، كلما صار عيشنا نكدا ضنكا، وكلما عدنا الى الوراء.
أين اولئك الذين يمكنهم اشهار اسماء المطبعين، شركاتهم، واجهاتهم، عناوينهم، لنقول للناس فقط، هؤلاء هم عدو كامن بين ظهورنا، وهؤلاء مطعن مسموم، في حياتنا، وهم مثل اقاربهم المطبعين في فلسطين ومصر ودول اخرى.
سوس ينخر الشجرة ببطء، ويمهد لما هو اكبر، اي التبعية الكاملة للاحتلال، واستحلال المحرمات، والصهينة دون مشاعر او احساس، او صد او رد؟!.
نحمد الله، لان ذنوبنا فردية، وهو قادر على رفعها، وما من خطيئة مثل التورط في دماء الناس، وخيانة الامة في حقوقها، فهذه خطيئة، لا شفيع لها، وليس لها واسطة، ولا من يحملها، ولا صدقة تشطبها، ولا تفسير ولا تبرير.
حجر جبال الاردن يتم قصه وحمله في الشاحنات، وزيتون هذه الارض المباركة، يتم أسره حبة حبة، ويتم عصره، ويُصدر باسم اسرائيل، ثم يسألونك لماذا نزع الله البركة من حياتنا، وينسون ان حياتنا كانت اكثر بركة، حين كانت المحرمات الدينية والسياسية، مطرودة من حياتنا وبيوتنا ودمنا.
ثم ألا يجد هؤلاء واحدا في بيوتهم، قادر على ان يقول لهم...كفى، وكل لمعة في عيني طفل لأب مطبّع، تستمد لمعتها من إطفاءة عينيّ طفل فلسطيني؟!.
MAHERABUTAIR@GMAIL.COM