عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقرأ كلاما لاذعا لنفر قليل من العرب، يهاجمون اهل غزة، عبر مشاركاتهم، وبعضهم يتمنى لهم الموت علنا، او الحرق.
احدهم يقول الى متى ستستمر نذالة الفلسطينيين، وآخرون يشكرون نتنياهو على افعاله، وبعضهم يخرج في الاعلام العربي ليتبنى الرواية الاسرائيلية،دون ادنى شرف؟!.
سابقا قرأنا لمن يتمنى لاهل غزة الحرق، شامتا بهذه المذابح التي يتعرضون لها، وألسن هؤلاء عربية، وقلوبهم عبرانية، اعمتها الخيانة لله، قبل غيره، واعمتها كراهية الفلسطيني؟!.
هذا كلام لنفر قليل جدا، وعلينا التنبه الى الاستدراجات، فلا يصح ان تتحول مظلومية الفلسطيني، الى كراهية لشقيقه العربي، لان هذا العربي سند، وسيبقى سندا، ولا خلاص لاحد من آخر.
لايجوز هنا تعميم الشذوذ الفردي الذي نسمعه على شعوب عربية بأكملها وقفت مع الفلسطيني، وهي مذخورة ايضا، ليوم رباني مقبل وآت.
مقابل هذه الحفنة لديك كثرة، مصابة بذات الغضب والالم، من دول عربية، يعرفون ان هذه المذابح مهينة ومؤلمة، وتمسهم في حياتهم ودينهم.
لانريد ان ندخل في مقارنات،حول ايهما اقرب للفلسطيني تاريخيا، لكننا مادمنا نتحدث بصراحة ودون رياء، فإن الاردني هو الاقرب، حد التطابق، تقاسم مع الفلسطيني الهم والغم، ورغيف الخبز والارض والماء، والاردني الاكثر هنا، قدرة من بين كل العرب، على الكلام عن فلسطين، لانه شريك فيها، جغرافيا وتاريخيا، فوق الواقع.
لاينتقص هذه الوقفة اي حالة،او تصرف، يراد تحويله الى عنوان عام، وكأن الاردني خصم للفلسطيني، فهذا هراء وتجارة رخيصة، واستبدال في العداوات.
من هنا لايصح مثلا قطع الطريق الى شمال الاردن، من جانب متظاهري مخيم البقعة، لان الاضرار هنا، بشعبك واهلك واقاربك وانسبائك، والتصرف مراهق، كما انه لايصح ان يتم تشويه سمعة الدرك اثر مظاهرة السفارة الاسرائيلية، فمن هو في الدرك لايكره اسرائيل اكثر منك، لكنها وظيفته من جهة، وحال الاردن الذي لايحتمل، ولاجل هاتين الحالتين، يقال ان هناك سعيا لحرف بوصلة العداء، وهذا واجب التحذير في الافعال والمفردات، وردود الفعل التي نقرأها هنا وهناك.
هذا يفرض على الفلسطيني عدم الاستدراج وراء مشاهد الاختلال، والرد عليها بسوء، لان اي خلل يبقى فرديا، ولايصح مده على ابناء امة واحدة، يعاني البقية فيها، مما يعاني منه الفلسطيني بشكل او آخر في ظل حياتهم البائسة جميعا.
من «كايد المفلح عبيدات» اول شهيد اردني في فلسطين وصولا الى «ام عمر» الكويتية ، التي ذهبت عبر السفن الى غزة، واعتقلها الاسرائيليون، لاغاثتها للغزيين، مرورا بالاف الاسماء العربية التي تنتخي لفلسطين، تبقى الاسماء والشعوب مكرّمة ومحفوظة في الذاكرة.
حتى لايصير النكران واقعا، وحتى لاتختطف الازمة الوجدانية الفلسطيني الى كراهية شقيقه العربي، بذريعة اتهامه بالخذلان، فلابد من الاعتراف ان القيود المفروضة على العربي، لاتختلف عن القيود المفروضة على الفلسطيني، كثيرا، هذا فوق ان ملايين العرب والمسلمين، نراهم في دولهم في حالة تظاهر وغضب لاجل فلسطين.
هذا امر لايمكن انتقاصه، او اعتباره مجرد حالة صوتية، لاننا ان وصفنا الامر كذلك، فهو يتطابق مع حال بقية الامة، لا استثناء عن القاعدة العامة.
الشاذون الذين يشتمون فلسطين، وغزة، ويظنون ان كراهية الفلسطيني، تبيح الترحيب بأفعال الاسرائيليين، ينسون ان الاصطفاف هنا، مع ما يغضب الله علنا، وهو اصطفاف، كلفته عالية، ذات حساب، ولن ينفع لحظتها تبرير ولا تفسير.
في المحصلة، فإن قضية فلسطين، كانت جامعة، ولابد ان تبقى جامعة، وشذوذ المفردات والتعبيرات والتنابز بالكلام، لابد ان يتم الرد عليه، باستذكار الاف النماذج العربية، في كل بلد، وهي نماذج، تستحق الاحترام والتقدير، وهي نبض تلك الشعوب، فقط.
الرد على الاساءات بإساءات، أمر مؤسف، وفيه انزلاق، الى مايراد،اي تحويل الفلسطيني الى شخص مزعج متذمر ُيخوّن غيره، ولا يعترف بمعروف.
فرق كبير بين الرسميين والشعبيين، ايضاً، وعلينا ان نفصل في تقييماتنا هنا، وان يتذكر الجميع، ان كل عربي ومسلم، هو نصير لفلسطين، ومنذور لها، برضاه، او بغير رضاه.
...ولاغالب إلا الله.
maherabutair@addustour.com