طالب نتنياهو، الرئيس الفلسطيني، بفسخ تحالفه مع حركة حماس، وهو مطلب قديم ودائم لا جديد فيه، وهو من وجهة النظر الإسرائيلية مطلب واضح ومفهوم، ومن وجهة النظر الفلسطينية قد يكون واقعياً لاختلاف البرامج والتوجهات والأولويات الفلسطينية، بين فتح وبين حماس، ولكن ورغم وجود التباينات والاجتهادات والرؤى المختلفة فالمصلحة الوطنية الفلسطينية، تتناقض مع المصلحة التوسعية الاستعمارية الإسرائيلية ودوافعها، تلك المصلحة التي يقودها نتنياهو، وحزبه الليكود، والائتلاف المتطرف الذي يقف على رأسه، فالمصلحة الوطنية الفلسطينية تكمن في الوحدة، وتعزيز هذه الوحدة، بين مختلف الفصائل والأحزاب والشخصيات الفلسطينية في مواجهة العدو الواحد المشترك المتمثل بالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، في مناطق 48، كما هي في مناطق 67، والفرق بينهما في الدرجة أكثر من الفرق النوعي في الحياة.
حماس لا تعترف بإسرائيل، مثلها في ذلك مثل باقي الفصائل والأحزاب الفلسطينية، وهذا صحيح ويجب أن يبقى ويستمر، لأن إسرائيل غير معروفة بحدودها، وغير محددة بجغرافيتها حتى يتم الاعتراف بها والإقرار بوجودها، ومقابل ذلك هل يعترف نتنياهو بفلسطين وحقوق شعبها بالمسألتين اللتين لا ثالث لهما وهما:
أولاً: حق العودة إلى بيوتنا وأراضينا التي طردنا منها العام 1948، من اللد ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع، وفق القرار الدولي 194.
وثانياً : حق الاستقلال بدولة وفق قرار التقسيم 181 الداعي إلى دولتين، وإذا اعترف نتنياهو بجزء من هذه الحقوق، وهو لا يعترف بذلك ولا يقر، فهل يعترف الليكود بهذه الحقوق، وإذا راوغ الليكود وتلاعب بالمفردات، كذباً وتضليلاً، فهل أحزاب الائتلاف بحكومة نتنياهو يعترفون بأي من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، على أرض فلسطين ؟؟.
فك الارتباط أو التحالف أو التعاون بين فتح وحماس، يمكن أن يتحقق وتتحول حماس إلى تنظيم معارض، غير شريك في قيادة منظمة التحرير، وغير حليف في إدارة السلطة الفلسطينية، وتكتفي بموقعها في المجلس التشريعي، كحزب وتنظيم وحركة معارضة مع أنها ما زالت تملك الأغلبية البرلمانية عبر انتخابات صحيحة ونزيهة وقانونية، فهل يفك نتنياهو والليكود التحالف والشراكة مع أحزاب الائتلاف المتطرفة، أحزاب المستوطنين والمؤيدين للتوسع وللاستيطان، خاصة وأن هنالك ستة من الوزراء ونواب الوزراء، من الليكود ومن أحزاب الائتلاف يسكنون في أرض الفلسطينيين المحتلة العام 1967، أي يسكنون في بيت لحم ورام الله وشرق القدس وغيرها من المواقع الاستيطانية الاستعمارية المقامة على أرض الفلسطينيين المصادرة المنهوبة.
نتنياهو يُحاول أن يتكيف مع تصريحات الرئيس الفلسطيني المحرجة بالنسبة إليه ويتعامل معها، ولذلك يُحاول أن يتذاكى، على الشعب الفلسطيني، وأن يضحك على وعي العالم، وأن يقلل من فهمه لحقيقة المشهد، وهو أن هنالك احتلالاً استعمارياً توسعياً عسكرياً لمناطق 67، وأن هنالك سياسة عنصرية سائدة ونافذة وقوية في مناطق 48، وأن تصريحات أبو مازن العقلانية، تجد من يختلف معها فلسطينياً ولا يقرها ولا يجد جدوى منها، مثلما لا يستجيب نتنياهو لمضامينها واستحقاقاتها، إذا كان جاداً وحقاً بوقف العنف والاحتلال، والتوسع والمقاومة، والعنصرية والتصدي لها.
طريق الشراكة والتوصل إلى تسوية ونبذ العنف واضحة، مثلما أن طريق التوسع والاستيطان والاستعمار واضحة لا تحتاج لتدقيق ومستمسكات، فهي معلنة بالاستيطان والتوسع وهدم البيوت وحرق الشجر والاعتقالات التعسفية والتصفيات الجسدية بائنة فاقعة يومياً، من قبل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني الأعزل والمحاصر والضعيف.
حركة حماس، إلى جانب فتح والشعبية والجهاد والديمقراطية وحزب الشعب وفصائل التيار القومي، مكملة لبعضها في تشكيل الوعي، والمؤسسة التمثيلية، والالتزام بحقوق الشعب العربي الفلسطيني، مثلهم مثل الليكود والعمل والبيت اليهودي وشاس وغيرهم، في تشكيل الوعي الإسرائيلي وبناء المنظومة الإسرائيلية القائمة على التوسع والاستيطان ومصادرة حقوق الشعب العربي الفلسطيني، هذا مثل ذاك، أحدهما يمثل المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، والآخر يمثل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وليس من ذلك مهرب سوى التوصل إلى حلول واقعية تضمن للشعبين التكافؤ والندية والشراكة، ولا فكاك ولا مهرب من هذه الاستحقاقات مهما طال الوقت وتعقيدات الزمن.
h.faraneh@yahoo.com