وضحت صورة الوحشية الاسرائيلية للنظام الصهيوني المستعمر، ولم تستطع اسرائيل تغطية جرائمها، ووسائل الاعلام االعالمية تعيد وتزيد صورة طارق ابن عم الشهيد محمد أبو خضير الذي حرقته اسرائيل في لهيب حقدها الأسود . إن عملية الانتقام هذه فتحت أبوابا عدة وأحيّت تفاعلات قديمة وجديدة حول سياسة إسرائيل. وكما يبدو فإن شرارة الغضب الفلسطيني لم تخبُ في هذا الحر اللاذع . ولعل ( صواريخ غزة ) البدائية كما يحلو للبعض تسميتها أهمها لأنها الأعلى صوتا والأكثر جدية . فسقوط تسعة شهداء بسلاح العدو الخائف والغاضب، فتحت حماسة القطاع من تلقين اسرائيل دروسا كل يوم . كانت إسرائيل- وقد هربت من غزة لأنها لم تستطع رميها في البحر- تعتقد أنها تخلصت منها . الا أن نار غزة لم تخمد وظلت حارقة . وبغارات إسرائيل المتتالية خلال الايام الاخيرة فتحت صراعات اسرائيلية قديمة بالاضافة لخلافات اسرائيلية داخلية .
صواريخ غزة على إسرائيل حققت هدفا هامًا وهو خلافات وتصدعات داخلية في الحكومة الاسرائيلية . الخلاف بين نتنياهو و ليبرمان - الرجل القبيح الغريب رئيس حزب المهاجرين الروس،” واسرائيل بيتنا " الذي صال وجال في السياسة الاسرائيلية كوزير للخارجية – وهو مشارك في حكومة نتنياهو الائتلافية .الخلاف ليس للوصول للكرسي، بل لكيفية تعامل إسرائيل لمواجهة غزة التي تسلط صواريخها على جنوب اسرائيل وقد وصلت بئر السبع، "والقسّام ". تتوعد بالمزيد . اسرائيل اليوم تعيش في حالة هياج وارباك، ونتنياهو يقوم " بضبط النفس " لأن ردات الفعل العربية والعالمية عن تنامي سياسة الكره والعنصرية تتزايد . ما يقوم به المستوطنون من استفزازات متواصلة وحملات التحريض الرسمية ومن اليهود المتدينيين ضد العرب ، وجرائم " تدفيع الثمن ", بالاضافة للتفرقة العنصرية ضد العرب الفلسطينيين داخل الخط الاخضر؛ ما يجعل الأمان بعيدا عن اسرائيل . لقد عم الغضب بقيام المظاهرات في الناصرة وفي بئر السبع وفي مدينة الخضيرة . وكما هو معروف، يشكل العرب ما نسبته 20% من سكان اسرائيل . وأصبحت اسرائيل تحسب حسابهم، لأنهم لا يزالون يرفعون الصوت ضد سياسة اسرائيل العنصرية والتمييز ضدهم في دولة تدعي الديمقراطية .
شعلة النار التي حرقت الفتى أبو خضير وشوهت وجه ابن عمه طارق، وقتلت تسعة ناشطين فلسطينيين في غارات انتقام على غزة، والاعتقالات المتزايدة للفلسطينيين داخل الخط الأخضر لقيامهم بالمظاهرات ضد السياسة اليهودية ، وكتم صوت العرب في الكنيست، تنذر بتصاعد الغضب الفلسطينيي والممارسات غير الانسانية ضدهم في كل مكان .
صورة إسرائيل القبيحة تزداد قبحا كل يوم، فقد عادت الى سياستها الارهابية التي استعملتها قبل وبعد قيامها، علها تستطيع تحقيق أهدافها الصهيونية وهو الاستيلاء على كل فلسطين لتجعلها دولة يهودية . إن التطرف اليهودي الديني والسياسي وغلبته على كل القيّم الانسانية يخلق بعدا دينيا استفزايا ويؤجج غضب صواريخ غزة، كما الشارع الفلسطيني . اسرائيل اليوم خائفة، ومرتبكة. ولا بد من ابقاء شعلة الغضب مرتفعة لعل نتنياهو وليبرمان، يجدان حلولا تعترف بها بحق الشعب الفلسطينيي بدولته المستقلة على أرضه، فهل تعلمت اسرائيل بعد هذه الدروس الكثيرة شيئا جديدا غير الذي يعرفه العالم عنها ؟ هذا هو السؤال ؟
Drnajar3@ovange .jo