خيري منصور
كان أجدادنا متفائلين وأحسنوا الظن بأحفادهم حين قالوا ان المستحيلات ثلاثة، ولو استثنينا الغول والعنقاء باعتبارهما من الاساطير، فان الخلّ الوفي هو المستحيل الارضي والتاريخي حسب ذلك الثالوث.
والحقيقة ان المستحيلات عديدة واكتفي بسبعة منها في هذه العجالة.
المستحيل الرابع هو الخروج من ثنائيات قيس ولين والاوس والخزرج والغساسنة والمناذرة واخيرا داعش او داعس لا فرق والغبراء او الفيحاء او الشهباء!
والمستحيل الخامس هو الخروج من عباءة امرىء القيس الذي لاذ بالقيصر ليقتل ابناء عمومته والمستحيل السادس هو النقد الذاتي والخروج من دائرة اخذ العزة بالاثم، والاصرار على ان الذات على حق والآخر على خطأ والمستحيل السابع الاقلاع الجذري عن فلسفة الوأد سواء كانت للبنات او الانكار او المواهب.
لقد خرج الغول من الاسطورة وارتدى خوذة وذبح الاطفال قبل ان يمتص نخاعهم ويرش عليه من ملح دموع امهاتهم.
اما العنقاء فقد تخلقت من رماد من احرقوا احياء سواء من احرقوا انفسهم كالبوعزيزي او من احرقت كتبهم كابن رشد وسائر السلالة, انها عبقرية تحتاج الى تحليل ووضع عينات من افرازاتها تحت المجهر تلك التي تجلت في تحويل النافع الى ضار سواء كان دما او ماء او نفطا، وفي تحويل الرافعات الى عقبات، وسلاسل الجبال الى وهاد وقيعان!
كم مرة ستكسر الجرار كلها وليس جرة واحدة قبل ان يصحو هذا العربي المضبوع قبل بلوغ المغارة؟
وكم وطنا سينعقد قبل ان يجد نفسه في الصحراء حيث لا بعير ولا معلقات ولا خيول!
العربي الذي تحول الى متفرج على مصيره وهو يذوب تحت المطارق لم يخلع ذاكرته كالحذاء فقط، بل خلع هويته وصبّ الماء على ما تبقى من جمرة الروح!
واذا سمح لنا المونديال بهامش من الوقت كي نسأل انفسنا لماذا نصفق على ادخال كرة في مرمى ولا نصفق لمن حولوا عواصمنا الى اطلال، وهربوا خواتم جداتهم وما تبقى بعد العث من عباءات آبائهم الى ما وراء البحار وما وراء الحقائق وما وراء الانسان.
اعرف ان المبتل لا يخشى من الغرق خصوصا اذا كان مُبتلا ومُبتليا بدم ذويه، لكن هناك لحظة تستشعر فيها حتى الدجاجة ما يسرق تحتها من بيض، وتدافع فيها الحمامة عن فراخها حتى لو اضطرت الى ان تحشو نفسها في منقار عدو يستهدف عشها.
فهل أصبحت مثل هذه اللحظة خارج تقاويمنا؟