إستد جيش الإحتلال وأجهزته الأمنية ، ثمن خطف الشبان الإسرائيليين ، بتصفية ثلاثة شبان فلسطينيين ، ليسوا لهم علاقة بعملية إختفاء طلاب المدرسة الدينية، ومع ذلك ، تم إستهدافهم ، وقضوا ضحية البرنامج السياسي الإستعماري ، والعربدة والتصرف الإرهابي الرسمي ، من قبل حكومة المستوطنين الأجانب على أرض فلسطين ، حكومة نتنياهو .
لقد قتل جيش الإحتلال محمد دودين عن ثلاثة عشر سنة ، سقط شهيداً برصاص الجنود الذين يبحثون عن المخطوفين الثلاثة ، ولم يكتف الجنود بصبي واحد ، فقد أصروا أن تكون المعادلة ثلاثة بثلاثة ، وهكذا كملوا برنامجهم ومشوارهم ، وقتلوا الطالبين نديم نوارة ومحمد أبو طاهر ، وهكذا سدد بيني غانتس رئيس الأركان ، ويورام كوهين رئيس المخابرات ، الضريبة الأمنية ، لجعل وزير الدفاع موشيه يعلون ، ومنه ومن خلاله ، لرئيس وزراء حكومة المستوطنين الإستعمارية الإحتلالية ، نتنياهو ، كي يناموا هادئين ، غير قلقين من زعل المستوطنين وغضبهم جراء عملية الإختطاف ، التي ستسجل على أنها بداية مرحلة جديدة ، من عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأرض الواحدة ، أرض فلسطين ، والتي بدأت بالصعود والإنتصارات المتلاحقة للمشروع التوسعي الإستعماري الإسرائيلي المتفوق ، أمام ضعف القدرة والأمكانية المحدودة المتاحة للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، ومع ذلك يتوهم قادة المشروع الإستعماري الإسرائيلي إذا إعتقدوا أنهم يستهدفون حماس ، دون الشعب العربي الفلسطيني وكأن حركة حماس ، خارج السياق الكفاحي الفلسطيني ، وكأنها من رحم غير رحم معاناة الفلسطينيين ، وخارج تطلعاتهم .
صحيح أن هنالك خلافات ، وقد تكون عميقة ، بين حماس الأصولية ، وبين فتح الوطنية ، وبينهما وبين فصائل التيار القومي ، وبينهم وبين فصائل التيار اليساري ، ولكن الصحيح أيضاً أن التباينات والإجتهادات الحزبية والفصائلية والسياسية والفكرية ، هي سمة يتباهى بها المجتمع الفلسطيني ، وهي إحدى مقومات حضوره وتفوقه ، لأنها سمة طبيعية جداً ، وإنسانية حقيقية ، تعكس قيم البشرية وتراثها التعددي مثل كل الشعوب المتحضرة ، وهي إحدى مواصفات القوة والحيوية التي يتمتع بها مجتمع العدو الإسرائيلي ، ومصدر من مصادر تجديد الدماء والبرنامج لديهم وبين صفوفهم ، ولذلك ستبقى أيضاً مصدر إثراء للشعب العربي الفلسطيني ، وإسقاط للأحادية واللون الواحد الإستبدادي العاجز عن التجديد وعن صون التعددية وشيوعها ، ولذلك مثلما يوجد الليكود والبيت اليهودي والعمل وشاس وغيرهم عندهم ، لدينا في المجتمع العربي الفلسطيني حماس وفتح والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والمبادرة والجهاد والتحرير الفلسطينية ، والتحرير العربية والقيادة العامة وغيرهم ، وهذا مصدر فخر وإعتزاز لوجود هذه التعددية والحفاظ عليها وتطويرها ، ليبقى التنافس في العمل ، وفي البرنامج ، والأبداع في خلق الأدوات الموجعة ضد المشروع الإستعماري العنصري الإسرائيلي ، والإقتراب من تحقيق البرنامج الواحد الموحد لجزئي الشعب العربي الفلسطيني المعذب : 1- الجزء المطرود المنفي المشرد الذي يتوق لوضع حد لمعاناته في مخيمات اللجوء خارج فلسطين ، وتحقيق العودة وإستعادة الممتلكات والكرامة والأمن والإستقرار على أرض فلسطين ، كل فلسطين ، وفق القرار 194 . و2- للجزء الباقي الصامد في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ، وفي القدس والضفة الفلسطينية والقطاع ، بإنتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، بالدولة الواحدة ثنائية القومية ، متعددة الديانات ، يتقاسمان السلطة وفقاً لنتائج صناديق الإقتراع ، وإفرازاتها ، أو بالدولتين للشعبين وفق قرار التقسيم الدولي 181 .
أخذ الإسرائيلييون حصتهم وأكثر من خطف أبناء المستوطنين المستعمرين الأجانب ، من الفلسطينيين بقتل ثلاثة من الشبان الفلسطينيين الذين لن يعودوا لعائلاتهم ، وبعد أيام أضافوا عليهم مزيداً من الضحايا الشهداء بعد أن سقطوا ضحية الإحتلال والعنصرية والتوسع ، وضحية العقوبات الجماعية المنفلتة ، على أيدي جيش الإحتلال وأجهزته الأمنية المتفوقة ، تأكيداً لمنطق القوة والرصاص ، والحل الأمني ، ومع ذلك ، إذا لم يدرك الإسرائيلييون ، أن الموت والعنف ومصادرة حقوق وأرض الفلسطينيين ، لن تمنحهم الحياة والإستقرار ، بل سيبقوا يدفعوا الثمن ، مهما كان تفوقهم ، ومهما كان الضعف الفلسطيني بائناً وفاقعاً ، فالحياة تتغير ، والموازين تتبدل ، والشعوب مثل البشر ، تبدأ حيوية وتنتهي بالشيخوخة والكهول والرحيل ، وهذا ما يجب أن يفهمه ويعيه النائب دان دانون عضو الكنيست عن الليكود والذي يشغل موقع نائب وزير الدفاع – الحرب – الإسرائيلي ، والتيار الذي يمثله ومن معه .
إستد جيش الإحتلال ، وأجهزته الأمنية ، وحكومة المستوطنين ، بقتل ثلاثة شبان فلسطينيين بعمر الورد ، وألحقوا بهم أخرين تم إستهدافهم ، مع إعتقال مئات المناضلين من قيادات الشعب الفلسطيني ، وعلى رأسهم وفي طليعتهم النائب عبد العزيز الدويك ، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، و24 عضواً من النواب المنتخبين ، بدون أدنى إحتجاج عربي ودولي ، وإذا تم فهو إحتجاج خجول ، لن يمنح للشعب الفلسطيني الحماية ، ولن يعيد الشهداء لأهاليهم ، ولن تتوقف مسيرة الشعب الفلسطيني ، بإعتقال المئات ، عن مواصلة الطريق والمشوار حتى يتم كنس الإحتلال ومعه كل المستوطنين والمستوطنات ، كما حصل في قطاع غزة ، سيحصل في القدس والضفة الفلسطينية ، ذلك هو الدرس الذي يجب أن يتعلمه ، ويستفيد منه ، ويفهمه المجتمع الإسرائيلي بكافة أطيافه ، وهي أن أرض فلسطين ستبقى للفلسطينيين ، أبناء الوطن المقيمين ، وأبناء الوطن المشردين خارجه في المخيمات .
نتمنى عودة المخطوفين من المستوطنين الأجانب إلى عائلاتهم سالمين ، لأن الشعب الفلسطيني لا يكره أحداً بسبب دينه أو معتقداته ، بل يكره الظلم ، ومن يمارسه ، سواء كان عربي أو إسرائيلي ، وسواء كان مسلماً أو يهودياً أو مسيحياً ، فهل يفهم المستوطنون الأجانب ؟؟ نرجو ذلك .
h.faraneh@yahoo.com