أثارت نتائج الدراسة التي أعدها معهد غالوب الدولي الذي يتخذ من زوريخ مقرا له، ردود أفعال مختلفة إزاء ارتفاع نسبة الإلحاد في المملكة السعودية والتي تراوحت، حسب الدراسة، بين 5 و9 بالمئة من مجموع عدد سكان المملكة.
هذه الدراسة التي جاءت تحت عنوان 'مؤشر عام حول الدين والإلحاد ' ، كشفت ان نسبة الالحاد في السعودية هي الأكثر ارتفاعا بين سائر الدول العربية بما في ذلك الدول تلك التي تعرف بميولها العلماني، وتضاهي ايضا نسبة الإلحاد في دول غربية.
الاستغراب والاستنكار والتعليل السطحي كانت الصفات الغالبة على ردود الافعال لانتشار ظاهرة الالحاد في السعودية، فهناك من تفاجأ بوجود هذه الظاهرة ، وهناك من نفى وجودها من الاساس ، وهناك من اعتبرها مؤامرة خارجية تحاك ضد السعودية ونظامها وشعبها ، وهناك من حمّل شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية الالحاد ، وهناك من اعتبر ان التطبيق المتشدد للاسلام في المجتمع السعودي والتربية الصارمة التي يتلقاها الأبناء هناك هي المسؤولة عن تفشي ظاهرة الالحاد.
الحقيقة ان نتائج هذه الدراسة لم تكن مفاجئة ولا غريبة لكل من لديه المام بالقراءة المشوهة للوهابية عن الاسلام، فهو يعرف جيدا ان التكفير والتطرف والعنف، ليست إفرازات للوهابية بل هي الوهابية ذاتها، في حين ان الالحاد يمكن اعتباره من افرازات الوهابية حيث يأتي في مرحلة متأخرة على تطبيقاتها.
لقد اصبح الشباب في المجتمع السعودي المنكوب بالوهابية مشتت الذهن والفكر، وهو يرى التكفير والاقصاء والقمع جزءاً لا يتجزأ من الدين الوهابي، ويرى الفتاوى السخيفة والمضحكة جزءاً لا يتجزأ من ذلك الدين، ويرى العلم يقول بكروية الارض بينما يقول امام الوهابية ابن باز انها مسطحة، ويرى اهانة المرأة، نصف المجتمع باسم الدين، ويرى هدم دور العبادة ونبش القبور واهانة اضرحة الانبياء والاولياء والصالحين بدعوى محاربة البدع.
ترى كيف يمكن ان يتلمس هذا الشاب الصورة الحقيقية للدين ، بينما الوهابية تكتم على انفاسه ، ولم تترك وسيلة اعلامية ، مرئية او مسموعة او مقروءة ، الا وهيمنت عليها ونفثت فيها سمومها؟، وكيف يمكن الدفاع عن الدين بينما يرى الشاب السعودي ان تطبيقات الوهابية للدين جعلت بلاده من بين أول 10 دول في العالم تحرشاً بالمرأة؟.
ان الاجابة على هذه الاسئلة تؤكد ان هناك تناقضا صارخا بين قراءة الوهابية للدين وبين الحياة، لذلك فالالحاد سيكون هو الطريق الاقصر للهروب من كل مآسي هذا الدين الوهابي.
اخيرا، نستغرب من الذين استغربوا نتائج دراسة معهد غالوب الدولي حول انتشار ظاهرة الالحاد في السعودية ، لان الغريب هو انتظار ان يترشح عن الوهابية انسان سوي، فهذا الانتظار ضرب من الخيال، لان الوهابية اما ان تلد تكفيرياً واما ملحداً ولا ثالث لهما.