اخبار البلد
محمد دحلان هو المرادف الوحيد للضابط البريطاني "توماس إدوارد لورنس" الملقب بــ"لورنس العرب"المعروف بدوره في تأليب القبائل العربية ضد الدولة العثمانية، وقد تفرغ دحلان في السنوات الأخيرة برغبة صهيوأمريكية بحثة ليكون المحارب الأبرز للتيارات الاسلامية في العالم العربي، كيف لا وقد ورث العداء للإسلاميين منذ أن كان طالبا في الجامعة الإسلامية بغزة خلال سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى بسبب تعرضه للضرب على يد طلبة من إحدى الجماعات الإسلامية في الجامعة.
بعد ذلك اعتقل دحلان في سجون إسرائيل، وحامت الشبهات حول طبيعة الاعتقال الإسرائيلي له، وأسباب إبعاده إلى الأردن بعد الإفراج عنه عام 1988 بالرغم
من أن عائلته تعيش إلى يومنا هذا في مخيم خانيونس بقطاع غزة، وبالرغم من صغر سنه إلا أن ذلك الإعتقال كان سببا في اعتلائه مناصب قيادية رفيعة في حركة فتح حتى وصل إلى قيادتها وتقرب من ياسر عرفات في تونس وطرابلس و غيرها من البلدان التي لجأت إليها منظمة التحرير، حتى عاد مع قدوم "أوسلو" ليتولى إدارة جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة الذي كان مخصصا لإعتقال وتصفية المقاومين المنتمين للتيارات الإسلامية و المسؤول عن التنسيق مع الجيش الإسرائيلي، و خلال فترة توليه إدارة هذا الجهاز كان المسؤول المباشر عن تصفية واعتقال العشرات من المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة.
ومع صعود حركة حماس السياسي وبداية الانتفاضة الثانية أسس دحلان ما عرف في قطاع غزة باسم "فرقة الموت", وهم مجموعة من القتلة المنتمين لجهاز الأمن الوقائي الذي كان يديره محمد دحلان و كانت الفرقة معنية بقتل وتصفية القيادات الميدانية لحركة حماس سواء كانت عسكرية أو سياسية، و توالت الأحداث حتى سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، وخرج دحلان هاربا إلى رام الله ,ثم طرد منها إلى الإمارات العربية إلى هذه اللحظة.
وفي الفترة الراهنة تعيش حركة حماس أزمة حقيقية بسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة و إغلاق معبر رفح من الجانب المصري، الأمر الذي دفع حماس
للتقارب مع تيار محمد دحلان في قطاع غزة، هذا ما رددته الصحافة العربية مؤخرا، وبغض النظر عن ضعف مصادر تلك التأويلات إلا أنه لا يمكن الشك بأن دحلان يتمتع بعلاقات قوية مع القيادة المصرية الجديدة و شيوخ الإمارات و حتى أبناء العقيد الليبي معمر القذافي و القيادة الإسرائيلية و الأمريكية، ولذلك ربما وبحسب الوزير الفلسطيني السابق إبراهيم أبراش قد يكون بيد دحلان الحل لأزمة حماس في القطاع.
لكن حركة حماس وعلى لسان صلاح البردويل القيادي البارز فيها، نفت وجود أي تقارب مع محمد دحلان وقال في تصريحات نشرتها صحيفة الرسالة المقربة من الحركة، إن الهدف الرئيس لزيارة نبيل شعث إلى قطاع غزة هو محاصرة أي جهود موهومة بشأن التقارب بين حماس ودحلان، قائلًا "حماس تتعامل مع القيادة التي تفرزها حركة فتح".
محمد دحلان، حاولت كلّ من إسرائيل و الإدارة الأمريكية أن يكون له دور مأمول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد مقتل ياسر عرفات، لكن صراعه مع التيار العباسي في السلطة قطع عليه الطريق، و تسبب في طرده خارج مناطق السلطة الفلسطينية ,و اتهم بشكل مباشر بالمسؤولية عن تسميم ياسر عرفات بأوامر من الإسرائيليين، فإسرائيل بعد أن رفض ياسر عرفات التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد في بداية الانتفاضة الثانية دعت مع واشنطن الفلسطينيين إلى البحث عن قيادة جديدة، قيادة تظهر تنازلات كبيرة لإسرائيل، ودحلان قد يكون الأنسب لهذه المرحلة.
بعد رحيل ياسر عرفات أسس أبو مازن تحالفا مؤقتا مع دحلان لم يكن لاعتبارات وطنية خالصة بل كان تحالف ضرورة وتقاطع مصالح آنية . كان أبو مازن آنذاك ضعيف الحضور شعبيا ,ولا يملك كاريزما وغير ملم بحقائق الأمور داخل مناطق السلطة لأنه بطبيعته نخبوي لا يعير اهتماما للعمل الجماهيري ولا يراهِن على الشعب في إحداث تغيير في الحياة السياسية أو في مواجهة إسرائيل، لكن بالمقابل كان دحلان يعمل على الأرض وله جماعته في قطاع غزة. بعد تسلم عباس الرئاسة أصبح دحلان خصمه الأقوى حيث أمر بإغلاق مكتبه في رام الله وصادر محتوياته، وانتهى التحالف المؤقت بين الطرفين.
وبأمر من عباس عقدت محكمة تنظيمية فتحاوية لمحاسبة دحلان ,و بناء على قراراتها تم فصل الأخير من الحركة، و انتهى به المطاف في الإمارات، وسواء كانت إقامته في دولة الإمارات بسبب حاجة الإمارات لخبرات دحلان الأمنية والاستخباراتية أو صداقاته مع شيوخ الإمارات، أو كان لجوؤه بطلب أمريكي فإن بقاءه هناك تمهيدا لدور قادم لدحلان في قطاع غزة بعد القضاء على حركة حماس.
وبالرغم من العلاقات الإقليمية لدحلان في المنطقة و التي توجه مؤخرا بلقاء وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي قبل ثلاثة أسابيع بحسب ما أوردت صحيفة المصريين، فإن نبيل شعث القيادي في حركة فتح صرح خلال زيارته لقطاع غزة الاسبوع الماضي بأن " دحلان لا يمثل السلطة الفلسطينية أو حركة فتح وقابل السيسي ممثلا عن الإمارات وله موازنة مخصصة به وعلاقاته القوية بشيوخ الإمارات".
لكن أوساط فلسطينية فسرت زيارة دحلان لمصر، في إطار قيام دحلان بنقل مقر إقامته إلى مصر لإدارة أزمة مصر مع قطاع غزة و قيادة مخطط قادم لتصفية وجود حماس في القطاع بمساعدة مصرية، و بحسب مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية في قطاع غزة فإن دحلان الذي كان أكثر المعادين للتنظيمات الفلسطينية المقاومة و المنسق الأول مع الاحتلال لن يكون في يوم من الأيام مفتاح الخلاص من الأزمة الحالية في قطاع غزة.
وترى تلك المصادر أن دحلان يقوم بمهمة المفوض الأمني الأمريكي في المنطقة لتنفيذ رؤية تخدم المحافظة على الأمن الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وقد سبق أن قام بهذا الدور في قطاع غزة خلال إدارته لجهاز الأمن الوقائي وتوليه وزارة الشؤون المدنية.