الخصوصية في خطر؟... دعوات لتشريع صارم يضمن حماية البيانات الائتمانية
كيف تتحول الشيكات المرتجعة من أزمة إلى مؤشر إصلاحي
راكان الخوالدة - اعتبرت القانونية والمختصة بالشأن الاقتصادي الدكتورة عبير خالد مصلح أن قرار الحكومة بإتاحة خدمة الاستعلام الائتماني رقمياً يُعد خطوة متقدمة نحو تعزيز الشفافية المالية وبناء بيئة تجارية أكثر أمانًا، لكنه لا يكفي وحده لمعالجة أزمة الشيكات المرتجعة، داعية إلى نهج تشريعي ومؤسسي متكامل.
وقالت مصلح في تصريحات صحفية لـ"أخبار البلد" إن هذه الخدمة الرقمية تُمكّن الأفراد والمؤسسات من الاطلاع على الوضع الائتماني للطرف المقابل قبل الدخول في علاقات مالية، ما يسهم في تقليل حالات التعثر، ويعزز الثقة في السوق، لكنها شددت على ضرورة أن يكون هذا القرار جزءًا من سياسة ائتمانية وطنية شاملة تربط بين الشفافية، والعدالة، والاستقرار الاقتصادي.
عقبات وتحديات تواجه التطبيق
وأشارت مصلح إلى أن نجاح هذا النظام في الأردن مرهون بتجاوز عدد من العقبات، أبرزها ضعف الثقافة الائتمانية لدى المواطنين وقطاعات الأعمال الصغيرة، وعدم تكامل قواعد البيانات بين الجهات المعنية، إلى جانب الفراغ التشريعي في حماية الحقوق المرتبطة بالتصنيف الائتماني.
كما لفتت إلى غياب جهة رقابية مستقلة تشرف على عمليات الاستعلام، إضافة إلى ضعف التحفيز القانوني للمؤسسات المالية لاعتماد النظام بشكل ملزم، ما قد يحد من فاعليته على أرض الواقع.
الخصوصية في الميزان
وفي ظل المخاوف المتزايدة من انتهاك الخصوصية، شددت الخبيرة على ضرورة إقرار تشريع متكامل لحماية البيانات الشخصية، وتنظيم عملية جمع البيانات الائتمانية واستخدامها ضمن ضوابط قانونية صارمة، مع تقنين صلاحيات الجهات المنفذة وفرض عقوبات رادعة على أي إساءة استخدام للمعلومات.
وأكدت أن الشفافية لا تعني كشف البيانات، بل وضوح السياسات، وضمان اطلاع المواطن على كيفية استخدام بياناته، داعية إلى تعزيز التوعية المجتمعية لبناء ثقافة ائتمانية قائمة على الثقة وليس الخوف.
تأثير مزدوج على الشركات الصغيرة
ورأت أن النظام الجديد قد يحمل تأثيرًا مزدوجًا على الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ فمن جهة يعزز فرص التمويل لمن تظهر جدارة ائتمانية جيدة، لكنه قد يتحول إلى عبء على الشركات الناشئة التي لم تبنِ بعد سجلًا ائتمانيًا، ما يتطلب تطوير نظام تصنيف مرن يراعي خصوصية هذا القطاع، إلى جانب توفير برامج دعم مرافقة.
دروس من التجارب الدولية
وسلّطت مصلح الضوء على تجارب الولايات المتحدة وسنغافورة في بناء أنظمة تصنيف ناجحة، مشيرة إلى أهمية وجود تشريعات صارمة لحماية البيانات، ونماذج تصنيف متعددة الأبعاد تراعي سلوك السداد وطبيعة النشاط، إلى جانب حملات توعية مجتمعية تضمن فهماً عاماً للنظام.
توصيات تشريعية عاجلة
وختمت مصلح بتوجيه جملة من التوصيات للمشرّع الأردني، أبرزها ضرورة ربط الاستعلام الائتماني بنظام تصنيف موحد يصدر درجة ائتمانية رقمية موثوقة، إلى جانب إنشاء جهة رقابية مستقلة تحت إشراف البنك المركزي، وتوفير آلية اعتراض فعالة، وتجريم أي استخدام غير مشروع للبيانات الائتمانية.
وقالت: "نجاح هذا التحول لا يعتمد فقط على البنية التقنية، بل يتطلب بيئة تشريعية ناضجة، ومؤسسات شفافة، ومجتمعًا واعيًا بحقوقه وواجباته".