* اذا كانت اربد عروس الشمال فجدارا سيدة العرائس واجملهن ومعلقة على شكل منارة علم في سهل حوران.
* جدارا.. ليست مجرد مبنى او قاعة بل هي مصنع لإنتاج القادة الموزعون في الجهات الأربع.
* شكري المراشدة.. عرف المحنة والامتحان في جدارا فشق طريق الصعاب وتحدى حتى نجح ، ومؤسسة استثمار برجل
ميعاد خاطر - هو احد الهامات العالية الأردنية التي نهضت بحماسة، لم يكن يوما في الواقع قد توقف أو تأخر عن الانشغال بالشأن المحلي الوطني .. شكري المراشدة مؤسس جامعة جدارا وراعي بذرتها الأولى.. وأحد الرجال الافذاذ الذين تخرجوا من مدرسة هذا الوطن وتعلموا حبه وعاشوا في كنفه، قصة شكري المراشدة هي قصة جدارا الان وهي قصة نجاح تراكمت عبر عقدين، ففي مكان جميل في اربد وعلى ربوة يراها الناظر من بعيد بالطريق المؤدية الى الشمال وعلى الجانب الأيمن من الطريق الدولي الذي يربط عمان مع اربد قرب "تقاطع النعيمة". تربط جامعة جدارا التي اولاها المراشدة جملة اهتمامه ووضع استثماره في التعليم وبناء أجيال لها اثر في بناء مستقبل زاهر للوطن،
المراشدة رجل عروبي اردني الهوى ساهم في بناء نهضة وطنه بالحب والانتماء وحبات العرق.. ابن عشيرة أصيلة وأحد أبنائها الذين تخرجوا من مدرسة هذا الوطن وتعلموا قيمه وتشربوا مواقفه .. فهذه الجامعة الشاهد الحي على مشروعه الوطني الذي تكاملت معالمه بما صنع واعتلى وأسمى فكانت "جدارا" المشروع الاغلى والكنز الذي إن وزن فلا يقدر ثمنه، لذلك كانت الجامعة واحدة من انشغالاته الأهم والاوسع كأكاديمي ورجل دولة وكقائد ميداني فهو اول المبادرين عندما يطلب الوطن رجاله.
اختار المراشدة ان يجلس في المقاعد الأمامية المميزة .. فمثله تفخر البلاد بإنجازه وعطائه وانتمائه، ففكرة بناء جامعة وطنية بصروحها الممتدة هنا في الاردن خفف أعباء كثيرة على الدولة والأسرة، وساهم في بناء جيل اردني طالما تغنى الملك في محافل عدة بهم.. فهذا المنجز الذي تربع على ابواب اربد كان صمام امان للوطن فغربة أبنائنا للدراسة في الشرق والغرب قاهرة، وقد يكون في دربها باب ضياعهم وابواب اخرى قد يحملون منها أفكارا وعادات لا تناسبنا ولا يقبلها مجتمعنا عدا عن تكبد أهاليهم والوطن مبالغ باهظة من العملات الصعبة، ففي جدارا تطمئن العائلة ويفرح الوطن.
المراشدة لا يحب القفز في المجهول وانما يتبصر خطاه، فقد تعلم الحرص ودقة العمل وحسن التدبير، وظل دائما صاحب رؤية وقناعة لذلك تجده تعهد جامعة جدارا فكرة وبذرة ثم زرعها وادار زرعها بكل تفاصيلها حتى تؤتي ثمارا يغذي بها الوطن ويحافظ عليه، حتى غدت جدارا تعلوا وتتوسع وتنجح وظلت تعلق غسيلها على الحبال وتتباهى به ناصعا طيب الرائحة زاهي الالوان...
وظل المراشدة يراهن على الوطن وابنائه ويمسك على الجمر في سبيله، يحب بلده ويفخر بالتفافه حول القيادة الهاشمية وينبض بقيم الوفاء والرجولة والإخلاص، يحب ان ينجح في كل خطوة يسلكها او يقوم بها، فهو النموذج للرئيس الذي يعرف ما يريد ويرسم سير عمله بإتقان، ويتقدم موظفيه ويرعاهم فهم من يشهدون له فقد كان رضى الموظف احد المعايير التي ارساها في جامعة جدارا وقد صنع من موظفيه فريقا متكاملا ينهض كل منهم بدوره في صناعة تكامل الأداء فمجرد دخولك الجامعة يتولد لديك إحساس بعظيم الاحترام والتقدير للمراشدة الذي مارس الابوة بين كوادره وموظفيه الذين يعتبرهم اليد اليمنى المبروكة لبناء الجامعة وعلو شأنها..
عرفت جدارا فأحببتها ويرجع الفضل لصديق لي من اربد – شاب فهمان و لطيف صاحب نخوة – كان يحدثني عنها باستمرار اثناء زياراتي من عمان إلى اربد وجولاتنا معا لنشهد جمال ربيعها ، فهو غير ومن يعرفه يؤكد ذلك..
ولأنه خريجها وزوجته موظفة فيها حفظها عن ظهر قلب، وعرف عنها الكثير، كما ان الجولات الميدانية تفتح أسئلة وتبني مقاربات وتجعل الواقع أقرب إلى المعاينة، قلت له ألم يخش د. شكري المراشدة اغراق السوق بالجامعات الاهلية بهذا الاستثمار، وبالتالي انعكاس ذلك على مستوى التعليم الجامعي العالي؟ كان الجواب مباشرا وفورا وقبل أن انظر لعينيه.. لا يخش. وأجاب وكأنه ممثل لمؤسس الجامعة، قال انها المنافسة والالتزام بمعايير صارمة ففي الخارج جامعات مستواها هابط في التعليم أو تصرف شهادات مقابل الرسوم، ثم قال هنا في اربد جدارا سخرت الإمكانيات بكل اشكالها والوانها لتصبح بوصلة الطلاب الباحثين عن التميز ، عندها بدأت قصة حبها وحب راعيها.
شكري المراشدة صاحب الوجه الباسم الذي يستقبل تعبيرات الزوار والأصدقاء والطلبة أيضا بالتحايا المتتالية والمخاطبة فالمعروف عنه ما يزرعه من الارتياح بعد أي لقاء ..
ففي جامعة جدارا تلمس مستوى الأسرية والمودة بين المنتسبين لها من الموظفين والعمادات والكوادر الفنية والإدارية، فالجامعة تحافظ على خبزهم وزرقهم ودوائهم فيبادرونها الخشية على سمعتها ونجاحها ، ويعملون بانتماء لها لتظل درة الجامعات، فعدد طلابها يزداد وتنوع جنسياتهم ملفت وينالون كل التقدير والمودة، فهي لم تنموا وتسطع شمسها مرة واحدة ولم ينفخ في صورتها زيفا، وانما صعدت وكبرت ونجحت وتقبلها الشارع الأردني والعربي وتقدموا لها بوقار وصدق ومعرفة بعدما استخلصوا نتائجها وصورة خريجيها.
فحين يستعرض السفراء العرب خلال زيارتهم للجامعة سيرة ومسيرة طلابهم في جدارا وما حظيت عقولهم وفكرهم وتجربتهم من مجد وتفوق ورضا عندها يشعرون بالراحة ويغمرهم الامل ان الاستثمار بأبنائهم وصل أوجه، ويعطي ثمارا ناضجة بعيدة عن اي شوائب، ويجسد لديهم شعورا بأن الاردن أصبح بوصلة جاذبة ومؤهلة لاستقطاب المزيد من الطلاب العرب والأجانب، وهذا سر الزيارات المتتالية للسفراء الذين يعرفون جدارا كما يعرفون شكري المراشدة الذي لا يقبل الشكر على واجب بل تشكلت لديه كرسالة عميقة لخدمة وطنه ومليكه. .
فإذا كان الجيش يصنع الرجال والحزم والانضباط، فإن جدارا تصنع نخب جاهزة وفرسان وأصحاب خبرة من القيادات والقامات البارزة التي قدمت للوطن فأبدعت وسدت الفراغ، فقد جعلت من نفسها المؤسسة العظيمة التي يتم التجهيز فيها لصنع القيادات ورفد خزينة الدولة وخدمة وطنها في كافة القطاعات فبثت رحيقها بين المدن الأردنية وشوارعها ، فجدارا ليست جامعة مباني وطلاب وحافلات نقل، بل رسالة وجسر حيوي مستمر عبر مسيرتها العامرة تجسد اسنادا لقطاع واسع من مؤسساتنا الوطنية العامة والخاصة.
جدارا اسم يعود لمدينة هيلينستية قديمة، ربط بعض الباحثين اسمها بمنحدر وادي العرب ،هي باقة ورد الشمال وجنته ، راعيها المراشدة رجل اخلص لبلده فلا وقت فراغ استحدث إلا وملأته عناوين كثيرة من المناسبات التي يحافظ على تلبيتها، عزز صداقته مع السفراء العرب والأجانب جعل من جدرا الجامعة سفيرة اردنية تتنقل بين الدول تستقطب طلابا ليعودوا قادة، وهذا هو ما تريده الأوطان من أبنائها المخلصين.
تكبر الأوطان برجالها.. والاردن الذي احبه ابناؤه نهض من ترابه شكري المراشدة الذي عمل ما عليه فجاء بجدارا التي لها من اسمها نصيب وعلى الآخرين أن يسيروا على خطاه ويذكروا له الفضل.. فأحببت ان اتوقف في محطة معرفتي بجدارا وما كتبته عنها قد لا ينصفها أو ينصفه فلا يدرك عظم إنجازه إلا من عرف المحنة والامتحان وشق طريق الصعاب وتحدى حتى نجح واستحضر التاريخ وعبق مجد اثينا في الديكابولس والمدن العشرة لتتحول هذه الجامعة الفتية التي انبتت من صدر أبو فراس غرسا امتد الى سهول حوران لينبت علما نافعا على شكل جامعة كامبردج على مثلث النعيمة..