تليّف الجلد، المعروف أيضاً بتصلب الجلد (بالإنجليزية: Scleroderma)، هو مرض مناعي مزمن يتميز بتأثيره على أنسجة الجسم المختلفة. يتكون المصطلح من كلمتين يونانيتين: "sclero" التي تعني صلب، و"derma" التي تعني جلد. في هذا المرض، تهاجم خلايا المناعة أنسجة الجسم، مما يؤدي إلى موت هذه الخلايا وتدميرها. نتيجة لذلك، ينتج الجسم كميات مفرطة من الكولاجين، مما يتسبب في تصلب الجلد وفقدان مرونته.
تتفاوت شدة تليّف الجلد من حالات خفيفة جداً إلى حالات خطيرة قد تهدد الحياة. تشير التقديرات إلى أن حوالي 300000 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية مصابين بهذا المرض. نظرًا لأن أعراض تليّف الجلد تشبه أعراض الأمراض المناعية الأخرى، فإن تشخيصه قد يكون صعبًا، مما يؤدي إلى تشخيص خاطئ في بعض الحالات. من المهم الإشارة إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بتليّف الجلد بنسبة 1:4 مقارنة بالرجال، وغالباً ما يظهر المرض بعد سن الثلاثين. يُعتبر تليّف الجلد مرضًا غير معدٍ وليس نوعًا من أنواع السرطان، ولكنه قد يؤثر على الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والكليتين والجهاز الهضمي.
أنواع تليّف الجلد
يمكن تقسيم تليّف الجلد إلى نوعين رئيسيين: تليّف الجلد الجهازي وتليّف الجلد المحدود.
تليّف الجلد الجهازي
تليّف الجلد الجهازي (بالإنجليزية: Systemic Scleroderma) يؤثر على الأعضاء الداخلية والجلد معًا، وينقسم إلى نوعين:
- تليّف الجلد المحدود (بالإنجليزية: Limited Cutaneous): يتميز بسماكة الجلد وتصلبه في اليدين والساعدين والساقين والقدمين. في هذا النوع، يكون تأثير المرض محدودًا على مناطق معينة من الجسم.
- تليّف الجلد المنتشر (بالإنجليزية: Diffuse Cutaneous): يصيب هذا النوع مناطق أوسع من الجسم مثل اليدين والذراعين والفخذين والجذع. في كلا النوعين، يكون الوجه عرضة للإصابة، مما يزيد من تعقيد الحالة.
تليّف الجلد المحدود
تليّف الجلد المحدود (بالإنجليزية: Localized Scleroderma) يؤثر فقط على الجلد، وينقسم إلى نوعين:
- مورفيا (بالإنجليزية: Morphea): يتميز بوجود بقع سميكة يتراوح قطرها بين إنشٍ إلى ستة إنشات أو أكثر. قد تكون هذه البقع فاتحة أو غامقة مقارنة بلون الجلد الطبيعي، وغالباً ما تكون مصحوبة بفقدان طبقة من الدهون التي تكون تحتها.
- تليّف الجلد الخطي (بالإنجليزية: Linear Scleroderma): يتميز هذا النوع بوجود خطوط سميكة من الجلد على الذراع أو القدم على جهة واحدة من الجسم فقط. تكون هذه الخطوط مصحوبة بفقدان طبقة الدهون تحتها، مما يؤدي إلى صغر حجم الجهة المصابة مقارنةً بالجهة السليمة.
سبب تليّف الجلد
لا يزال السبب الحقيقي وراء تليّف الجلد مجهولاً، إلا أن العمليات التي تحدث نتيجة لهذا المرض واضحة. في حالة التليّف المحدود، ينتج الجسم كميات مفرطة من الكولاجين في المناطق المصابة، مما يؤدي إلى تغير شكل الجلد. في حالة التليّف الجهازي، يصاحب ذلك خلل في الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى تضيق في الشعيرات الدموية. هذا التضيق يتسبب في حدوث ما يُعرف بظاهرة رينو (بالإنجليزية: Raynaud's disease)، وهي تضيّق مؤقت في الأوعية الدموية يتفاقم في حالات البرد أو الإجهاد، مما يؤدي إلى عدم وصول كميات كافية من الدم إلى الأعضاء المختلفة. يشعر المريض بالخدر والبرود في أطرافه، ويتحول لونها إلى الأزرق أحياناً.
تشير الأبحاث إلى أن هناك عوامل متعددة قد تؤثر في حدوث تليّف الجلد، منها:
- العمر: غالباً ما يظهر المرض بعد سن الثلاثين.
- الجنس: النساء أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالرجال.
- العوامل البيئية: تلعب العوامل البيئية دوراً في تحفيز تليّف الجلد، مثل التعامل مع مادة السيليكا في المناجم وبعض المواد الكيميائية وبعض الأدوية.
- العامل الجيني: يشير الباحثون إلى أن هناك جيناً معيناً قد يوجد في الجسم يزيد من احتمالية الإصابة بتليّف الجلد.
- العِرق: سكان الولايات المتحدة الأصليين (الهنود الحمر) والأفارقة أكثر عرضة للإصابة بتليّف الجلد مقارنة بغيرهم.
تظل الأبحاث جارية لفهم هذا المرض بشكل أفضل، بما في ذلك كيفية تشخيصه وعلاجه. تعتبر المعرفة حول تليّف الجلد ضرورية لزيادة الوعي حول هذا المرض، مما يساعد في تحسين رعاية المرضى وتقديم الدعم اللازم لهم.