|
هاتفني صديقي المهندس ناصر المدادحة، أحد كبار موظفي الحكومة الذي أحترم خبرته وأمانته، معلقا على مقالي الأسبوع الماضي الذي انتقدت من خلاله انعدام الحنكة في قرار جعل وضع سخانات شمسية للوحدات السكنية والتجارية أحد شروط الترخيص، وأفادني أن المقال تناول الجانب الاقتصادي ولم يتناول المعيقات الفنية التي لم تحلها الحكومة قبل وضع القرار مما يجعل من إلزامية وضع السخان الشمسي قرارا جاهلا إضافة لكونه غير اقتصادي. إضافة إلى ما أرسله لي أخي المهندس ناصر من معلومات جمعها هو، لا بد من معرفة المضار والمشاكل التي تنجم عن هذه الأنظمه قبل إلزام المواطن بها، فهي إضافة إلى كلفتها المرتفعة بسبب عدم وجود أي دعم لها، تعمل بكفاءة لا تتجاوز 80 بالمئة فقط، ولفترات لا تزيد على 6 أو 7 أشهر في السنة في المناطق المرتفعة والباردة في الأردن. ولدى عمل بحث بسيط على الشبكة العنكبوتية من قبلي وجدت أن الدول تقوم بتشجيع وتمويل الدراسات والإجراءات اللازمة لزيادة هذه الكفاءة. أيضا، في الأردن الذي يعد واحدا من ثلاثة أفقر دول مائيا في العالم، هنالك فاقد مياه كبير ينجم عن كل استخدام للنظام وذلك للحاجة لإخراج المياه الباردة من المواسير عند فتح حنفية الماء، ويرتفع مستوى هذا الفاقد كلما ازداد ارتفاع منسوب السخان عن المنزل أو عن أنظمة التدفئة في المنزل اذا كانت مربوطة بالسخان الشمسي. ومثال على ذلك، اذا كانت الشقة أرضية والسخان مركب على سقف الطابق الرابع، في حال استعمال الماء الساخن من الخزان الشمسي يفقد المستخدم حوالي 20 لتر ماء بارد قبل أن يصل الماء الساخن من السخان الشمسي في كل استعمال خلال اليوم، ولو ضربنا هذا الرقم (20 لتر) بعدد الوحدات السكنية في الأردن، ما يزيد على مليون وحدة سكنية، وفي حال نجاح القرار وفرض على كل بيت أردني اعتماد السخانات الشمسية في تسخين المياه، فإن الفاقد 20 مليون لتر ماء يوميا في حالة كل بيت استخدم الماء الساخن لمرة واحدة فقط، ومن المعروف أننا نستخدم أكثر من ذلك كون الأسرة مكونة من 5 أشخاص بالمتوسط. وقد يعتقد بعضهم إمكانية حل المشكلة من خلال تركيب مضخات تدوير للمياه لإبقاء الماء الساخن ضمن أنابيب المياه والنظام، ولكن هذه المضخات مكلفة أيضا كما أنها تستهلك قدرا لا يستهان به من الكهرباء، وحتى إذا أمكن تركيب المضخات فهو حل مكلف إضافي على المواطن ويرفع من معدلات استهلاك الكهرباء، مما يؤدي إلى عدم توفير الطاقة، خاصة وأننا نستورد 97 بالمئة مما نحتاجه من الطاقة. ويعتقد بعض خبراء التدفئة أن من الممكن تركيب مضخات ضخ وليس تدوير الياه لحل المشكلة وهذا خطأ أيضا، كون مضخات الضخ لتسريع ضخ المياه في الحنفية، أما فاقد المياه الباردة فستكون الكمية نفسها وربما أسرع مع تسريع الضخ كما سيرتفع استهلاك الكهرباء على المستهلك كما في السابق. وحسب المهندس المدادحه، وهو خبير ذو باع طويل في هذا السياق، فإن نظام السخانات الشمسي لا يعمل بكفاءة عندما يكون ضغط الماء المغذي للسخان غير عال، لذلك قد لا يعرف المستخدم السبب لعدم وصول المياه الساخنة من السخان الشمسي، وسيستمر بهدر الماء البارد حتى يكتشف أنه من الممكن أن يكون خزان المياه المغذي ليس مرتفعا كفاية أو أنه ليس معبأ بالكامل، مما يزيد من الهدر. لذا كان واجبا على الحكومة دراسة قرار إذعاني كهذا قبل صدوره، فهو يزيد من التكاليف على المواطنين، ويعرقل سوق العمل والنشاط الاقتصادي وبذلك يكون مخالفا لروح المادة 111 من الدستور ونصها إذا ما اعتبرنا الإجبار نوعا من الضرائب غير المباشرة (حسب تعريف الضرائب غير المباشرة فإن كل قرار إذعاني مثل هذا يعتبر ضريبة غير مباشرة) كما يخالف التعليمات التي صدرت عن حكومة البخيت الأولى بوجوب دراسة الأثر الاقتصادي لأي قرار حكومي قبل صدوره، ولا بد للحكومة أن تقوم بحملة توعية لها وللمستهلك، ونذكر أن أمريكا وفي واحدة من أصعب السنين التي مرت بها (عام 2009) خصصت 2.4 مليار دولار لمشروع كالسيارات الكهربائية لدعم إنتاجها، وإنتاج البطاريات والشحن والتوزيع. أما بالنسبة لما يحدث لدينا، فنقول وللمرة العشرين بعد الألف: ما هكذا يا سعد تورد الإبل. |
||
| بقلم د. يوسف منصور | ||
سخان شمسي وقرارات لم تدرس
أخبار البلد -