واقع سياسي مشوه بامتياز، هذا ما اسفرت عنه جلسات الثقة بالحكومة من النواب. فالحكومة من جهتها لم توضح نفسها وظلت بلا بوصلة طوال الوقت، وتاهت فيما هي بين حكومة ناقصة العدد جلست اسفل القبة خجولة، وهي تستمع لهجوم النواب الذي وصل درجات القدح، ومن جهة اخرى كونها لا هي برلمانية ولا عادية، وتخبطت مرارا بالامر، ولم تقنع احدا فيها بمن منهم اكثرية من منحوها الثقة؛ بدلالة تعابير الوجوه ونبرة الاصوات الخجولة، اضافة لما سمعته الحكومة منهم قبل المنح.
اما النواب فليسوا افضل حالا، فاليسار منهم، ومن قدم نفسه معارضا، او من هو في تاريخه معارض، هؤلاء منحوا الثقة بلا وجل او خجل من الموقف، في حين ان اكثرية الحاجبين هم من رجالات الدولة والمحسوبين على النظام والحكومات تاريخيا، واللحظة كاركاتورية تماما؛ فجميل النمري اليساري يمنح الثقة! في حين يحجبها عبد الهادي المجالي والرحيمي والدغمي والخرابشة والسعود!
خليل عطية يمنح وشقيقه خميس يحجب، فايز يحجب وفايز يمنح، وخلايلة يمنح وخلايلة يحجب، محمد الحاج وزكريا الشيخ يمنحان، وثامر بينو ووفاء بني مصطفى يحجبان وهم من الوسط الاسلامي. وحال الكتل الاخرى بذات السوية، فلا مجرد واحدة اجمعت على موقف، ونسبة النساء الحاجبات برزت بتميز.
النائب الجديد صوت قبل نشر اسمه بالجريدة الرسمية، النائب المطبع حضر ومنح "ولم يبلش به احد"، يوسف القرنة تم احضاره على جناح السرعة.
سعد هايل السرور لم يصوت ورفع الجلسة بعد فقدان السيطرة عليها، ولم يتمكن رئيس الوزراء من إلقاء كلمة الشكر. ثم ساد الهرج ولم يهدأ المرج تحت القبة، قبل ان يغادر الجميع كل الى غايته فما قالوا شئنا ولا من الذي شاء.
في المجمل؛ لا الذين منحوا جسم واحد، ولا هم شركاء مع الحكومة، ولا الذين حجبوا على قلب رجل واحد ولا هم معارضة، وسنجدهم اعتبارا من اليوم في مكاتب الوزراء.
جمال شواهين