هناك نائب فرد يتنقل ما بين النواب لحثهم على إسقاط الحكومة، وهناك نائب فرد أيضا يتنقل هو الآخر بينهم لإقناعهم بمنح الثقة، هذا يحدث في مجلس النواب الأردني, ولكن.
النواب الذين سيمنحون الثقة لا تجمعهم جامعة سوى أنّهم زملاء في مجلس واحد، وهم لما يمنحون ثقتهم للحكومة لا ينطلقون أبدا من فكر يوحّدهم أو برنامج يجمعهم أو حتى من مجرد تصورات أو توقعات من أيّ نوع، كما أنّ نظرتهم للحكومة تختلف من واحد إلى آخر، وعلاقتهم معها مجتمعة أو مع الرئيس منفردا تصغر وتعظم تبادليا. وهؤلاء كنواب مانحين لن يكونوا بعد المنح فريقا ولا تجمعا مناصرا للحكومة أو مشاركين بالسلطة أو حتى مجرد موالاة عمياء. ولو أنّ أحدا يسألهم عن أسبابهم للمنح لما وجدنا اثنين منهم على ذات الأسباب والأهداف أيضا.
أمّا حال فريق الحاجبين للثقة فلن يكون أفضل حالا لجهة ما يفرّقهم وانعدام ما يوحّدهم، وهم في المحصلة ليسوا فريقا ولن يكونوا جسم المعارضة داخل المجلس أو جبهة رفض أبداً, إذ إنّ دوافعهم للحجب متباينة وتخصّ كل نائب منهم على حدة.
الحكومة من جهتها تدرك أنّها تتعامل مع أفراد وأنّه لا وجود في المجلس لبرامج مجمع عليها من مجرد اثنين, وهي على هذا الأساس تعدّ الجهة الوحيدة الموحدة كجسم متماسك عل قلب رجل واحد وتعمل انطلاقا من برنامج يعدّ محددا ومجتمعة عليه, وتعرف تماما من أين تأكل الكتف، وبيقينها أنّ من يحجب الثقة من النواب لا يختلف من حيث الموقع والجوهر عن النائب الذي يحجبها، وأنّها في المحصلة ستتعامل مع الجميع على حد سواء، كما أنّها ستظلّ حريصة على رضاهم حاجبين ومانحين، فلا معارضة بمواجهتها ولا ائتلاف حاكم يقف معها.
المعارضة في الشارع, إن كانت الحركة الإسلامية منفردة أو معها المجاميع الأخرى، تتشابه مع الحكومة لجهة توحّدها وتماسكها ورؤيتها وامتلاكها لبرنامج، وهي تعارض الحكومة كما ينبغي للمعارضة المنظمة ولكن من الشارع وليس من البرلمان، والفرق بينها وبين الحكومة أنّها لا تتعامل مع النواب وتراهم بلا جدوى ولا يراهن عليهم والحكومة تفعل دون أن تراهن عليهم أيضا.