|
تهمة التورط الأردني في الجوار رُوّجت أيام العدوان على العراق وثَبُت بُطلانُها
الوضع على الحدود الشمالية مقلق جدا لدرجة ان رئيس الحكومة د. عبدالله النسور يقول بأن "الأزمة السورية وصلت إلى مرحلة تهديد الأمن الوطني الأردني" وهذا يتأتّى من خلال الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين وتداعيات استضافتهم على الأراضي الأردنية ومخاوف الأردن من الفوضى وتقسيم سورية أرضا وشعبا والعناصر الارهابية المنتشرة هنالك. ليس سهلا على الأردن ان ينزلق إلى مستنقع الازمة السورية رغم كل الضخ الإعلامي المُبشِّر بذلك، أو الذي يسعى لموقف أردني جديد من الجارة الشمالية يصب في خانة التورط في الأزمة من خلال معاداة النظام السوري واستفزازه كما يلجأ بعض العرب، او من خلال تدريب المقاتلين أو مدّهم بالسلاح. وهذا ما تتحدث عنه تقارير صحافية دولية منذ أكثر من عام وكان آخرها جريدة الغارديان البريطانية التي نشرت قبل ثلاثة أيام تقريرا عن " فتح الحدود الأردنية لحملة تمولها السعودية لتسليح المعارضة السورية في مدينة درعا بهدف التصدي لجبهة النصرة المدعومة من تنظيم القاعدة". إن تهمة التورط الأردني في الجوار رُوِّجَت أيام العدوان على العراق وثبت بُطلانها تماما، واليوم لا أعتقد أن تلك التقارير دقيقة وهذا ما أكده لي زميل صحافي يعمل مع وكالة أنباء عالمية، سبق له أن دخل الأراضي السورية من الحدود التركية، حيث التقى قيادات في الجيش السوري الحر، ونقل عنهم نفيهم التام تلقّي عناصر منهم تدريبات أو أسلحة من الجانب الأردني، لا بل تمنّت تلك القيادات أن يكون ذلك صحيحا. الأردن ينظر بريبة إلى نقطتين: أولهما الأعداد المتزايدة للاجئين، ومن هنا نَتفهّم إعلان الأردن عن اللجوء إلى مجلس الامن الدولي لعرض قضية اللاجئين السوريين، لبلورة خطة دولية للتعامل معها، ولا يخفي الأردن دعمه لإقامة منطقة عازلة، لأنها اصبحت مصلحة أردنية توقف تدفق اللاجئين، وتخفف التداعيات الخطيرة على الأمن الوطني، لكن الحكومة تعي أن مطلبها لا يمكن تحقيقه بالقوة، بل يحتاج إلى تفاهم أردني- سوري، ومباركة أمريكية - روسية لتوفير ملاذ إنساني آمن للاجئين داخل دولتهم، بما يحفظ كراماتهم .ويخفف الضغط على الأردن. والنقطة الثانية، قضية تنظيم القاعدة وسطوته على الحدود الشمالية، والأردن يعي خطره، فخوفه مبرر من المستقبل في حال سقط النظام السوري، وقد جرّب الأردن العمليات الارهابية عبر الحدود العراقية ودفع ثمنها الشعب الأردني غاليا، لذا فإن من مصلحة الأردن إضعاف الحركات المتشددة في سورية والتضييق عليها وعزلها، لأنها تهدد الأمن الوطني الأردني في كل لحظة. باختصار شديد لا يخفى على الجميع أن الموقف الأردني الرسمي حساس جدا في حرصه على الحل السياسي في سورية بما يحفظ وحدة الشعب والأرض السورية وهو موقف معلن رغم كل الضغوطات العربية والدولية ولم تتخذ الحكومة الأردنية أي قرارات أو إجراءات يمكن ان تفيد بعكس ذلك، وحتى أن الأردن لم يكن مرتاحا لقرار القمة العربية بتسليم مقعد سورية إلى الائتلاف السوري المعارض. |
بقلم نبيل غيشان