من بين مسارات الاصلاح السياسي الحقيقي، التي يجب أن تتحقق ، وتترجم مفرداتها الى عمل حقيقي، واجراءات فاعلة هي تشكيل حكومة عابرة للمناطقية، تستند فقط على الكفاءة والنزاهة والجدارة، شأنها شأن الحكومات التي تشكل في العالم كله ، وتلغي والى الابد البعد المناطقي في التشكيل، والذي غالبا ما أدى الى اضعاف الحكومات، بضم وزراء ليسوا بأكفاء، ولا مؤهلين لشغل مراكزهم.
إن إلغاء شرط المناطقية، أو بالأحرى البعد المناطقي في تشكيل الحكومات ، يعطي رئيس الوزراء المكلف فرصة حقيقية وأكيدة لتشكيل حكومة قوية مسؤولة ، قادرة على الانجاز والعطاء, ويؤسس لمرحلة جديدة, ونهج جديد, ويعطي للكفاءات وهي كثر في وطننا، فرصتها الحقيقية للمشاركة في بناء الوطن والإصلاح. ويقضي على النمط القديم في تشكيل الحكومات، وهو نمط غير موجود في الدول الشقيقة.
وفي ذات السياق ، فإن دور مجلس النواب ومن وحي مسؤولياته في متابعة مسيرة الاصلاح والتطوير والتحديث, هو العمل على إلغاء هذا البعد والعمل مع رئيس الحكومة المكلف لتجاوز هذا النمط، والذي من شأنه تكبيل يد الرئيس وتضييق الهامش أمامه في اختيار الوزراء الأكفاء, وفرض أسماء غير مقتنع هو بها, ولا تشكل أية إضافة جديدة, بل تشكل عبئا على الحكومات ، وهو ما أدى إلى تعثر الإنجاز والعطاء، وأسهم في تجذير الفساد والوصول بالبلاد والعباد إلى هذا مأزق خطير ، فجر الحراك الشعبي المشروع.
وفي ناحية أخرى لا بد من التذكير بأن قضية رفع الأسعار التي أطل برأسها بقوة في ماراثون مشاورات الرئيس المكلف مع الكتل النيابية، تستدعي من النواب أن يقفوا صفا واحدا وكتلة واحدة ضد رفع الأسعار، ويجعلوا من هذه القضية خطا أحمر وخاصة أسعار الماء والكهرباء, ومعالجة المسائل وفق برنامج مدروس من خلال التصدي للمافيات التي تتحكم في مفاصل السوق، وذلك بإعادة الاعتبار بسياسة التسعير ومراقبته والتي تشكل رادعا للمحتكرين.
لقد تعهد النواب كافة امام المواطنين، سواء في شعاراتهم الانتخابية ، أو في حملاتهم ومهرجاناتهم، بالوقوف ضد رفع الأسعار، وخاصة اسعار الماء والكهرباء لتداعياتها الخطيرة المنعكسة على كافة اسعار السلع والخدمات، والتي تاتي من جيب المواطن الفارغ أصلا، وهذه أمانة في أعناقهم تستدعي أن يلتزموا بها أمام الله وأمام المواطنين.
باختصار...نعتقد أن أمام الرئيس المكلف فرصة حقيقية لتأسيس حكومة جديدة, وتكريس نهج جديد عابر للمناطقية... يقوم ويستند على الكفاءة والنزاهة والجدارة.
بقلم: رشيد حسن