|
|
|||
|
لا أدري كيف سيبرر رئيس الوزراء اليوم أمام مجلس النواب رفع أسعار المشتقات النفطية والإغارة على جيب المواطن ليلة الخميس الماضي في غفلة من ممثلي الشعب في مجلس النواب وغياب التشاور. والحقيقة أنني كنت أتمنى أن يكون الدكتور عبدالله النسور نائبا في المجلس الحالي لسماع رأيه بالرئيس الذي يرفع الأسعار من دون أن يستشير نواب الشعب أو من دون أن يكون لديه مبرر سوى استسهال الحلول واستباحة جيب المواطن، فالنسور كان أفضل من سيقدم نقدا لاذعا وهجوما مريرا وهو ما فعله فعلا لدى قيام الوزارة السابقة لوزارته برفع الأسعار في آخر عهدها وطالب رئيسها في حينه بالرحيل بعد ما قابله من اعتراضات وهجوم كبير من الشارع والنواب في حينه، وقد كان رأس حربة الانتقاد الدكتور النسور ذاته. وبعيداً عن جيب المواطن وعن ترشيد الاستهلاك الحكومي، وبعد أن استنفدنا نحن كمواطنين سبل ترشيد استهلاكنا بفعل ملاحقة الحكومة لكل قرش فائض أو منسي في جيوبنا، وبعيدا عن ما تم طرحه مسبقا من حقن الاقتصاد بمبالغ استثمارية تنموية من المنحة الخليجية أطرح اليوم قضية التهرب الضريبي الضخم نسبيا الذي تعترف به الحكومات المتعاقبة من دون أن تفعل شيئا لا لشيء إلا لسهولة الإغارة على جيوب المواطنين وتحقيق الإيراد بشكل أسرع من الاصطدام بالمتهربين من الضرائب سواء أكانوا حيتانا أم سردينا. وقد أشارت اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب السابق إلى وجود تهرب ضريبي يصل إلى نحو 800 مليون دينار سنويا، وهو مبلغ يزيد على 20 بالمئة من الإيرادات الضريبية الشاملة من دخل ومبيعات. ويشكل أكثر من 60 بالمئة من عجز الموازنة العامة ونحو 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وأخيرا وليس آخراً هذا المبلغ يشكل ما يزيد على 14 ضعف مبلغ دعم جرة الغاز في الموازنة الحالية. والحقيقة أنني أتمنى على الرئيس ببراعته في الحديث وسحره في الإقناع أن يقدم للمجلس الكريم خططه للتعامل مع هذا التهرب المهول بكل المعايير الذي باعتقادي أنه يتزايد بشكل مستمر. ولعل من الشواهد الكبرى على التهرب الضريبي الفرق الكبير بين الشركات المسجلة لدى مراقبة الشركات وتلك المسجلة لدى ضريبة الدخل والمبيعات. فنسبة المسجل حسب معلوماتي لا يكاد يتجاوز ثلث ما هو مرخص فعلا لدى مراقبة الشركات وأمانة العاصمة، ومن غير المعقول أن الفرق هي شركات غير عاملة فعليا أو شركات ذات غايات محددة ولا تمارس نشاطا. وللإنصاف هنا أن التهرب الضريبي هو ظاهرة عالمية معروفة للدرجة التي أشارت فيه تقارير حديثة إلى أن حجم التهرب الضريبي عالميا يصل إلى ما يقرب من 20 تريليون دولار، أي 20 ألف مليار دولار. والكثير يعلم قصة مبالغ التهرب الضريبي من المال الفاسد في اليونان نتيجة قصص الفساد التي كشفها أحد الصحافيين هناك التي وصلت قيمتها إلى نحو 14 مليار دولار. وفي النهاية نقول إننا نرجو أن تعطي الحكومة أهمية لمكافحة التهرب الضريبي لا تقل عن اهتمامها بتعديل أسعار المشتقات النفطية شهريا. |
|||
د.خالد واصف الوزني يكتب.....التهرب الضريبي
أخبار البلد -