أخبار البلد
تشكّل مجتمع الديمقراطية الأردني يقتضي حضور الملكية فيه بشكل يتناسب وموقع الملكية في الدستور، وهو ما يعطي الكل
قدرا من التعبير وممارسة الصلاحيات والتأثير بقدر ما يُتيحه الدستور لكل طرف من التدخل بالحكم أو التأثير فيه، وهذا ما أكّد عليه الملك في ورقته الثالثة حول الاتجاه نحو الملكية الدستورية الهاشمية.
وفي حديث الملك عن موقعه ودوره، ما يؤشر على أنه مقتنع بالممارسة الدستورية له كملك في حدود الدستور ومع امكانية الاحتفاظ بعلاقة مفتوحة مع الناس أو المواطنين بالشكل الذي يريده الفضاء الجمعي الوطني للملك بين الأهل والعشيرة والطبقة والحزب والعمال والمتقاعدين في نهارهم السياسي، ومع أن ذلك الحضور الشبه أخلاقي للملك يتمنع على البعض أن يكتفوا به، وليس من السهل قبوله اردنيا في الشكل المبتغى للملكيات الدستورية في العالم، إلا أنه ومع مرور الزمن يظل قابلا للتحقق بخاصة إذا كان هناك إيمان حقيقي به، وقد بدا الملك في أكثر من خطاب قبل أوراقه النقاشية يمهد للمواطن فهم طبيعة ذلك التصور والدور الذي يراه ممكنا له في ظل دولة تتجه نحو تعزيز مبدأ الفصل الكلي بين السلطات وفي الحياد الوظيفي لممثليها في الإدارة العامة.
وهذا الاتجاه من الملك هو منزع تحديثي صرف، إذ تبلورت ضرورات التحديث السياسي في عدة صيغ ومنها حضوره في النظام السياسي ودور الدولة تجاه الرعايا ومسؤولية النخب عن تحقيق ذلك التحديث أو مقاومته، دونما إلغاء لأي وسيط مجتمعي، يكون للملك سلطة أو علاقة معه.
فالبنى المجتمعية التي عادة ما تغير من تحالفاتها وانتماءتها في الصراع على التمثيل والكسب، تظل تشعر بوجوب حضور الملك وانحسابها عليه حتى في أوسع حالات التحديث السياسي تطبيقا، ولا يعني أن الدول التي نجحت بالوصول إلى الملكية الدستورية نزعت الوشائج أو غيرت في الصلات التي تربط بين الملوك والمجاميع المجتمعية ذات الانتماءات المختلفة، وهنا يظل الملك وفقا لمفهوم تلك الجماعات، قريبا من الكل دون أن ينفرد به أحد.
ولكن، حيث أن الفكر انعكاس للواقع فثمة احساس بين الناس أن الملك يريد أن يتحمل كل مسوؤل ورئيس سلطة مسوؤلية سلطته، هذا مع احتفاظ جميع السلطات بالحضور الأخلاقي لتوجيهات الملك ورؤاه التي تحكم عملية التحديث السياسي بشكل عام.
وحيث أن صلاحيات الملك لم تعد واسعة كما كانت بفعل عملية التعديل على الدستور، وفيما نتجه إليه من حكومات برلمانية فإن تحقيق الغايات يظل مرهونا بتحقيق الوعي اللازم لتطبيق الملكية الدستورية، والبحث عن الصفات اللازم توافرها في .رئيس الحكومة كما جاء في ورقة الملك
بقلم:د..مهند مبيضين