ليست على شخصي ومستقبلي
فالنقطة الاساسية في النقاش هي مستقبل الرئيس السوري وموقعه من الحل، فالمعارضة ترى ان التفاوض هو على رحيل الاسد لكن النظام يقول ان الحوار يجب ان يكون بلا شروط والاسد نفسه قال يوم امس في لقاء مع صحيفة 'صاندي تايمز' البريطانية ان على من يريدون اسقاطه الحضور للتفاوض لانجاز اخراجه من السلطة. وقال ان اي شخص لديه حس من الوطنية لا يمكنه التفكير بالعيش خارج وطنه، وهو اي بشار مثل اي سوري، في رفض واضح لاي اقتراح بالخروج للمنفى من اجل تحقيق التسوية في البلاد وانهاء الازمة التي مضى عليها اكثر من 23 شهرا. لانه يعتقد ان النزاع في سورية ليس على شخصه ومستقبله، مضيفا ان نقاشا كهذاغريب فالامثلة الاخيرة في مصر ولبنان واليمن تحكي العكس. تصريحات الاسد لـ'صاندي تايمز' لا تحمل جديدا من ناحية تمترسه على مواقفه واعتقاده انه يقاتل حربا من اجل سورية وليس من اجل شخصه. وهو وان اظهر ونظامه في الاونة الاخيرة استعدادا للتفاوض الا انه اكد على نبرة مواصلة القتال حتى النهاية، وشجب كل من ساعد ويساعد المعارضة لنظامه بالسلاح والمال. الرسالة اذا واضحة من الاسد للدول الداعمة للمقاتلين وهي ان من يدعمهم هو متورط في الجريمة 'تعرفون ان الجريمة ليست هي عن الضحية والمجرم ولكن المتورطين بتقديم الدعم، ايا كان هذا الدعم اخلاقيا او لوجيستيا'. وحذر الاسد من عدم التلاعب بالوضع السوري. فسورية تقع على خطوط قابلة للاشتعال سياسيا وايديولوجيا و جغرافيا، واي تلاعب بهذه الخطوط سيترك اثارا خطيرة على الشرق الاوسط. وحذر الاسد ان اي تدخل لن يؤدي الى حل الازمة بل مفاقمة الوضع. مؤكدا ان امريكا وبريطانيا والاخرين سيدفعون عاجلا ام اجلا ثمن نتائج لم يفكروا بها. وشجب الاسد الحكومة في لندن واتهمها بممارسة ما اسماه البلطجة. واكد على ان نظامه سيرد على الهجوم الاسرائيلي الشهر الماضي على مركز للبحوث العلمية، فيما قلل من اهمية الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي قال انه يضيع وقته بالتركيز على جهود الاطاحة به اي الاسد، مؤكدا ان الازمة في سورية هي شأن داخلي مشيرا انها ليست قابلة للنقاش 'مع اي شخص قادم من الخارج'.
حكومة كاميرون الساذجة
كما واتهم حكومة ديفيد كاميرون التي تحاول ان تخفف من شروط حظر بيع السلاح على سورية بحيث يسمح بنقلها للمعارضين لنظامه ووصفها بالساذجة وغير الواقعية. مضيفا ان خطوة كهذه لن تؤدي الا الى زيادة العنف وتقوية عناصر القاعدة خاصة جبهة النصرة التي تقوم الان 'بالقتل وقطع الرؤوس ومنع الاطفال من الخروج للمدارس'. وربط هجومه على بريطانيا بدورها التاريخي وغير البناء في المنطقة منذ عقود ان لم يكن منذ قرون 'وخطاب بريطانيا الفارغ وغير الناضج يشير الى هذه التقاليد من البلطجة والهيمنة'. وتساءل الاسد مضيفا 'كيف يمكن لبريطانيا لعب دور وهي مصممة على عسكرة المشكلة؟ وكيف يمكنها تخفيف العنف وهي تريد ارسال اسلحة للارهابيين؟ والمقصود بهم المعارضة التي اكد في خطابه الشهر الماضي على انها ليست موجودة ولكنه في اللقاء تبنى لهجة تصالحية ودعاها للحوار بمن فيها حملة السلاح 'نحن مستعدون للتفاوض حتى مع المقاتلين حالة تسليمهم السلاح'، فالتفاوض لن يكون مع 'ارهابيين مصممين على حمل السلاح، وترهيب الشعب وقتل المدنيين واستهداف المنشآت العامة والخاصة وتدمير البلاد'. وكالعادة فرق الاسد بين معارضتين تلك التي تشمل على كيانات سياسية واخرى ارهابية وهذه 'لا يمكن التفاوض معها لاننا نقاتل الارهابيين'.
نقاتل القاعدة وجبهة النصرة
وعلق الاسد على تعهد الولايات المتحدة تقديم مساعدة للمعارضة بقيمة 60 مليون دولار على شكل مساعدات غير قتالية قائلا ان الاستخبارات واجهزة الاتصالات والدعم المالي هي اسلحة فتاكة، مشيرا الى ان الهجمات على نيويورك وواشنطن في 9/11 تمت بوسائل غير فتاكة. وكانت الولايات المتحدة ومجموعة اصدقاء سورية قد قررت دعم المعارضة 'المعتدلة' وتعزيز مواقعها من اجل مواجهة صعود المتشددين في الانتفاضة السورية، ولكن الاسد يرفض هذا التفريق لان المعارضة التي يتحدث عنها الغرب ليست موجودة حيث قال 'الكل يعرف اننا نقاتل القاعدة او جبهة النصرة الخارجة من عباءة القاعدة والجماعات الاخرى التي تحمل ايديولوجيات متشددة'. وعلق على هذه الجهود قائلا انها 'نفاق ما بعده نفاق'. ويبدو ان الاسد مطلع على الاعلام البريطاني حيث اشار الى استطلاع مسحي اخير قامت به احدى الصحف واظهر ان نسبة لا بأس بها تريد ان تبقي بريطانيا خارج سورية. ومع ذلك فالحكومة البريطانية تقوم بالضغط على الاتحاد الاوروبي كي يرفع حظر تصدير الاسلحة عن سورية كي ترسل للمقاتلين، ووصف هذا انفصاما عن الواقع و'عن الرأي العام البريطاني'. ويعتقد بشار الاسد ان مفتاح انهاء الازمة هو الطلب من قطر والسعودية اللتين شملتهما زيارة جون كيري وتوقف بهما يوم امس، 'وقف ارسال الاسلحة للارهابيين في سورية'. واكد في لقائه على اهمية قتال ايديولوجية القاعدة الممثلة بجبهة النصرة التي قال ان صعودها سيجعل من 'غالبية السوريين المعتدلين اقلية، مما يعني نهاية سورية' مضيفا ان من 'يخاف على سورية عليه ان يخاف على الشرق الاوسط، لاننا اخر معقل من معاقل العلمانية في المنطقة' ومن هنا فعلى العالم اجمع ان يخاف على استقرار الشرق الاوسط.
برنامج الحوار
وعليه فدعوة الاسد للحوار هي دعوة بناء على برنامجه حيث يقول للصحيفة ان الـ 23 مليون سوري لهم الحق في ان يكون لهم رأي في تشكيل مستقبل بلدهم. وفي الوقت الذي تقول فيه المعارضة ان لا حوار قبل رحيل الاسد، الا انه يقول ان لا تفاوض الا حول الخطة التي اعلن عنها النظام. ويشير الى ما تقوله المعارضة من ان الحوار يعني اسقاط الرئيس قائلا ان كان هذا هو الحال 'فلماذا لا يأتون للحوار ويسقطونه؟' وفي الوقت نفسه انتقد في الوقت نفسه الدول الغربية التي تدعم الجيش الحر وتقدمه على انه كيان واحد في الوقت الذي يتكون فيه من فصائل متعددة. وفي اطار آخر علق على مطالب المعارضة بتقديمه واركان نظامه لمحكمة جرائم الحرب حيث رد ان كانت نفس المعارضة تزمع على تقديم قادة بريطانيا وامريكا المسؤولين عن قتل نصف مليون عراقي. وفي سياق الارقام، حيث تقول الامم المتحدة ان قتلى الحرب في سورية يزيد عددهم عن 70 الف شخص، لكن الاسد يعلق بالقول انه يتم التلاعب بالارقام لتبرير التدخل. واشار الى البعد المأساوي في الحرب فالضحايا ليسوا ارقاما بل هناك الاف العائلات التي فقدت اعزاء عليها وستندبهم طوال حياتها 'ولا احد سيشعر بألمها'. وفي نهاية اللقاء قال ان سورية عادة ما ردت على افعال اسرائيل وعدوانها ولكن بطريقتها الخاصة'، وفقط الاسرائيليون هم من يعلمون ما نعني. الانتقام لا يعني اطلاق صواريخ او رصاص على جنود، وطريقتنا لا يمكن الافصاح عنها'. ورفض الاسد التعليق على تقارير قالت ان سورية حركت اسلحة كيماوية من مواقعها، كما رفض تلك التي قالت ان ايران وروسيا وحزب الله ارسلوا مقاتلين لمساعدة الجيش السوري، مؤكدا على الدور البناء الذي تمارسه روسيا والداعم من ايران وان مهمة حزب الله هي الدفاع عن لبنان وليس سورية 'بلد الـ 23 مليون نسمة، ولديه جيش قوي وقوات شرطة قوية، ولسنا بحاجة لمقاتلين اجانب للدفاع عنا'.
الحرب على الحدود
بعيدا عن تصريحات الاسد ونفيه اي دور لحزب الله، فالازمة السورية وصلت للبنان او اجبرت الحزب على الدخول في الازمة، فالمواجهات بين المقاتلين التابعين للحزب وجيش سورية الحر داخل سورية قد تؤدي الى نقل الحرب للبنان. فقبل اسبوعين شهدت بلدة القصير معارك ادت الى مقتل عنصرين من الحزب وعدد من مقاتلي المعارضة السورية. وقد دعا هذا الحادث بالجيش الحر للتهديد ونقل المعركة الى داخل لبنان. ويخشى ان تؤدي هذه المواجهات التي تعبر عن انقسام طائفي يدعم فيها حزب الله نظام الاسد العلوي والسنة اللبنانيين الذين يرسلون المقاتلين والاسلحة للمعارضة السورية السنية في الغالب، الى انتقال الحرب لداخل لبنان. واي انفجار في الوضع على الحدود من السهل انتقاله الى طرابلس وصيدا وبيروت، المدن التي شهدت في الاعوام الماضية مواجهات طائفية الطابع. وتقول صحيفة 'واشنطن بوست' ان النزاع السوري واطرافه المحلية له انعكاسات اقليمية، من ناحية ارتباط حزب الله بايران، والمعارضة بتركيا والسعودية وقطر.