هاجم مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، الدور الذي تلعبه قطر في الملف السوري، يأتي هذا في ظل فشل سياسات الدوحة في استثمار الإسلام السياسي بغية امتلاك دور إقليمي.
لكن مراقبين يعتبرون أن تصريحات ولايتي تعكس انزعاجا إيرانيا من الدور القطري، وأن المعركة بينهما تجاوزت مرحلة المناكفة غير المباشرة عبر وسائل الإعلام، إلى مرحلة المعركة المكشوفة.
وقال ولايتي في تصريح لقناة "الميادين" اللبنانية إن "بعض الدول الرجعية مثل قطر، تزود الناس بالأسلحة، وتحضر المسلحين من الصومال وأفغانستان لإحداث مجازر في العسكريين والشعب، بهدف الإطاحة بالأسد، وهذا يؤكد وجود مؤامرة خارجية".
يشار إلى أن قناة "الميادين" تم تأسيسها لمواجهة الدور الذي تلعبه قناة الجزيرة في الملف السوري، ويرأس تحريرها التونسي غسان بن جدو، أحد من اشتغلوا بالجزيرة وخبر توجهاتها وارتباطاتها.
وعارض بن جدو تعاطي الجزيرة مع ما أسماه "الربيع العربي"، وخاصة انحيازها ضد نظام بشار الأسد، ونسبت إليه تصريحات تقول إن الجزيرة تسعى لتخريب حلف "المقاومة والممانعة" في إشارة إلى سوريا وحزب الله.
واتهم ولايتي قطر وبعض "الإسلاميين" بالمنطقة بالعمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا للإطاحة بالأسد.
وتساءل: "هل يمكن عن طريق أموال قطر وأميركا وفرنسا أن يتم إسقاط هذه الحكومة وإخراج هذه الدولة من الوجود وتجزئة سوريا؟"
ولفت مستشار خامنئي إلى أن مواقف السعودية بخصوص الملف السوري اختلفت في الفترة الأخيرة، "وخاصة التصريح الأخير لوزير الخارجية السعودي الذي يقول إن الحل يجب أن يكون سياسياً"، "لكن قطر بقيت على مواقفها، وخاصة التصريح الأخير لوزير خارجية قطر الذي دعا إلى إرسال قوات عربية إلى سوريا لإسقاط الأسد".
يشار إلى أن قطر ألقت بثقلها في دعم ثورات "الربيع العربي" سواء عبر قناة الجزيرة التي كانت تسوق للاحتجاجات وتضخّم دور الإسلاميين فيها تمهيدا لدعم قوي يمكنهم من المسك بزمام هذه الثورات، أم عبر الدعم المالي الذي يحاول الآن أن ينقذ اقتصاديات هشة فشل الإسلاميون في التعاطي معها.
وتتهم دوائر ليبية مختلفة قطر بأنها اختارت أن تكون إلى جانب المجموعات المتشددة سواء خلال فترة الثورة على القذافي، عبر الدعم بالسلاح والأموال، أم خلال الفترة الحالية التي تسعى فيها الدولة الجديدة لفرض استقرار هش تعارضه تلك المجموعات.
ويدور حديث عن غضب أميركي على الدور القطري في ليبيا خاصة بعد هجوم مجموعات متشددة على القنصلية الأميركية ببنغازي وقتل السفير وثلاثة دبلوماسيين أميركيين آخرين.
بالتوازي، تلاحق قطر اتهامات أخرى بتسهيل وصول مجموعات "جهادية" إلى سوريا وحصولها على السلاح والأموال اللازمة لخوض معارك قوية جعلت منها الخصم الأكبر لنظام الأسد، بمقابل الصعوبة التي يجدها الجيش الحر في الحصول على أسلحة.
لكن مراقبين للملف السوري يقولون إن تصريحات ولايتي التي تهاجم قطر تكشف في أحد وجوهها انزعاجا إيرانيا من الأدوار الإقليمية الأخرى.
وقال هؤلاء إن إيران تشعر بأن خططها في التمدد بالمنطقة بدأت تفتضح وتفشل خاصة في سوريا ولبنان، فضلا عن محاولات إثارة أزمات ذات خلفيات طائفية بالبحرين والسعودية واليمن.
وفيما تسعى قطر ودول إقليمية أخرى إلى دعم المسلحين، نزلت طهران بثقلها المالي والتسليحي لإنقاذ حليفها الاستراتيجي بشار الأسد من السقوط، فضلا عن إرسال خبراء وعسكريين لتدريب قوات الأسد، وخاصة للدفاع عن دمشق.
وكانت تقارير غربية قد كشفت أن إيران تستخدم طائرات مدنية لنقل عسكريين وكميات كبيرة من الأسلحة عبر المجال الجوي العراقي إلى سوريا لمساعدة الأسد على سحق الانتفاضة الشعبية.
وقالت التقارير إن "الطائرات تطير من إيران إلى سوريا عبر العراق بشكل شبه يومي حاملة أفرادا من الحرس الثوري الإيراني وعشرات الأطنان من الأسلحة لتسليح قوات الأمن السورية والميليشيات التي تقاتل المعارضة".
ويتوقع خبراء ومحللون استراتيجيون أن يكون مصير الأسد محددا في التأثير الإيراني بالمنطقة ككل، فرحيله، أو عزله في سياق توافق إقليمي يعني أن إيران لن يبقى أمامها سوى ورقة حزب الله التي ستصبح مهددة خاصة في ظل المطالبات داخل لبنان بنزع سلاحه، فضلا عن القلق الإقليمي من دوره الاستخباراتي والحرب بالوكالة التي ينهض بها لفائدة طهران.
ويخلص هؤلاء الخبراء إلى أن الصراع القطري الإيراني المكشوف حول ما يجري في سوريا ناتج عن افتضاح دورهما وخاصة عن محدوديته المستقبلية في ظل اتجاه الأوضاع إلى حل سياسي بضمانات إقليمية تستثني الدوحة وطهران.