اخبار البلد - هل تكون الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى غدا الثلاثاء الأكثر فتورا وافتقارا لروح التنافس في تاريخ تلك الدولة؟ بعض الخبراء والمحللين السياسيين يعتقدون ذلك.
والحالة هذه، يرى الناخبون أن القضايا التي طالما ظلت محور السياسة الإسرائيلية لأجيال مضت اختفت إلى حد كبير من الحملات الانتخابية هذه المرة، واحتلت القيم الاجتماعية والهموم الاقتصادية الواجهة والقلب معا.
وإذا كان ثمة إجماع وسط الناخبين والمحللين على حد سواء في هذه الحملة الانتخابية الجامدة، كما تصفها صحيفة نيويورك تايمز، فهو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيفوز لا ريب بولاية ثالثة، رغم العجز الواسع في الموازنة وجمود عملية السلام، ورغم وجود شريك سياسي له متهم في قضايا احتيال (في إشارة إلى وزير خارجيته المستقيل أفيغدور ليبرمان).
أما العناوين التي تتصدر الحملة الانتخابية الحالية فظلت تتراوح بين إخفاق تياري الوسط واليسار المتشظيين في الدفع بمرشح يُعتَد به لمنافسة نتنياهو، وبروز حزب ديني قومي ذي موقف متشدد إزاء القضية الفلسطينية.
ويقول خبراء إن غالبية متزايدة من الإسرائيليين تخلت عن معادلة الأرض مقابل السلام التي ظلت تصبغ المحادثات لعقود، الأمر الذي ترى فيه الصحيفة الأميركية تعزيزا لتحول إسرائيل نحو اليمين في السياسة والخطاب الشعبي.
ومن شأن ذلك أن يُعقِّد علاقة نتنياهو المتوترة أصلا بالرئيس الأميركي باراك أوباما في وقت تتعرض فيه "إسرائيل" للإدانة الدولية بسبب استمرارها في التوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
يقول الصحفي والباحث بمعهد شالوم هارتمان في القدس يوسي كلين هاليفي إن المجتمع الإسرائيلي "يائس"، مضيفا أن اليأس "حالة سياسية خطيرة لأنها قد تُغري بتبني مواقف متطرفة".
هي إذن الانتخابات الأقل تنافسية في الذاكرة، والأدنى قيمة وأهمية بحسب أحد كتاب الأعمدة في الصحف الإسرائيلية الذي قال إن "إسرائيل لا مبالية ومتثائبة (كناية عن السأم والفتور)" هي التي ستتوجه إلى صناديق الاقتراع.
وتعلق نيويورك تايمز قائلة إنه من حيث الأولويات فإن كل حزب يخوض المباراة في ملعب مختلف على ما يبدو، في حين لم يركز تحالف الليكود إسرائيل بيتنا في حملته لا على قضايا ولا على إنجازات، بل أخفق حتى في الكشف عن برنامج سياسي رسمي.
ووصف ديفد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى انتخابات 2013 في إسرائيل بالهزلية التي لا تدور حول شيء، قائلا إنها لن تفرز تفويضا واضحا يعطي الحكومة الجديدة "أقصى قدر من المرونة".
ولعل أولى التحديات الماثلة أمام الحكومة الجديدة تتمثل في عجز الموازنة البالغ 10 مليارات دولار. كما يلوح في الأفق الخلاف حول ما إذا كان يتوجب تجنيد غلاة المتطرفين اليهود والمواطنين العرب في الخدمة العسكرية أو الوطنية.
وهناك العديد من المحللين يرون في الحملة الانتخابية حداً فاصلاً بين انهيار الوسط واليسار، وصعود الاتجاه الديني القومي، الذي يُطلق عليه أيضا "الصهاينة المتدينون"، ممثلا في حزب "البيت اليهودي" الذي يطالب بضم الجزء الذي يعيش فيه معظم المستوطنين في الضفة الغربية.
ويدلي الحاخام بيني لاو، الزعيم الديني القومي البارز، بدلوه في الجدل الدائر إذ يقول "هنا جيل جديد من الصهاينة المتدينين نشأ وترعرع. ونحن لا نريد أن نكون تيارا ثانويا، بل نرغب بأن نقود. إنها مسألة هوية ذاتية، لا سياسية، لكنها هوية تريد أن تكون في الواجهة، وهذا ما يدفع كثيرا من الشبان للتصويت لهذا التيار، فهم يرغبون في أن يكونوا فخورين".
من جانبه يساور أستاذ القانون ونائب رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلية يديديا شتيرن الاعتقاد بأن البرلمان القادم سيتشكل في معظمه من متطرفين، ذلك أن هاجس الهوية بدا أكثر وضوحا "فكل تيار يريد أن يحكم وليس مجرد أن يبقى على قيد الحياة، لأن الكل يعتقد أن توجهه هو الأصلح لليهود".
الانتخابات الأكثر فتورا في ''إسرائيل''
أخبار البلد -