يحذّر جنرال في الاحتياط وبروفيسور إسرائيليان من أن رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو مصابٌ باضطراب نفسي أصاب هتلر من قبل، وأنه يقودها للخراب، ومستعد لفقدانها بحال فَقَدَ حكمه عليها.
في مقال تنشره صحيفة "معاريف”، اليوم الخميس، يقول الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك ن أولادنا يقتلون ويصابون في حرب فقدت غايتها، ويعود فيها الجيش لمناطق احتلها، ثم يضطر لمغادرتها لعدم توفّر قوات كافية، مشدداً على أن القيادة الثلاثية، نتنياهو وغالانت وهليفي، فقدوا السيطرة على الوضع بشكل مطلق، وأن رئيس حكومة الاحتلال يدرك جيداً أن ما يجري في هذه الأيام من شأنه الدفع نحو انهيار الدولة.
بريك، الذي سبق أن تنبّأَ بالسابع من أكتوبر، ويحذّر، منذ سنوات، من ضعف وترهّل الجيش الإسرائيلي، ويعرف بـ "نبي الغضب”، يمضي في مقاربته بالعودة لتجارب أخرى في العالم: "ما يجري الآن يذكّرنا بحرب الخنادق في الحرب العالمية الأولى، عندما خرج الجنود منها بصدور عارية أمام آلات قذف النار القاتلة فسقط معظمهم بالجملة. صحيح أن جنودنا لا يتقدّمون مقابل آلات نار، ذلك لأن "حماس” تقاتل بطريقة حرب العصابات "الغريلا” بوضع الألغام ونصب الكمائن وتفخيخ المباني وإطلاق قذائف، ويسارع عناصرها للاختفاء داخل الأنفاق، بعدما يلحقون خسائر ثقيلة بالجيش الإسرائيلي”.
في هذا المقال الجديد، الذي يعتبر لائحة اتهام، يقول بريك إن الحديث يدور عن قادة تحوّلوا لطغاة، يفرضون على الآخرين سلطتهم ورغباتهم بقوة، فيفعلون ما يحلو لهم بدعم جوقة من المريدين الأبواق”.
محذراً من أن القيادة الإسرائيلية هذه تهدم الدولة على رؤوس الإسرائيليين، وتتسبّب بنزيف جنودها تحت شعارات فارغة دون غاية، مثل "تدمير حماس بشكل مطلق”، و”عدم إنهاء الحرب”، ويضيف، بحدّته المعهودة المباشرة: "في كل دولة ديموقراطية أخرى كانوا سيرسلون هذه القيادة في السجن”.
عمى مطلق
ويقول بريك أيضاً إنه في كل يوم يمرّ يقتل الجنود الإسرائيليون عند دخولهم المباني المفخخة، دون انضباط عملياتي، ودون تدريب وتعليمات أساسية واضحة، ودون استخلاص دروس، ودون مراقبة ومتابعة الضباط الكبار.
ويتابع: "ندخل هذه المباني بعمى مطلق، كما في لعبة الروليتا الروسية، يقتل الجنود من عبوات ناسفة، وتبقى حياتهم بيد الحظ”.
وينبّه بريك إلى أن هذه الحالة الاعتيادية باتت تتكرر، وبعدها نشهد جنازات تمزّق القلب، ويصاب كثيرون بحزن عميق مرعب، وأن أحداً لا يفتح فمه، وكل شيء يحدث دون غاية، ولا يساهم الجنود الذين يدخلون المباني المفخخة في دفع الحرب للأمام، معتبراً ذلك ضرباً من الجنون لا يمكن قبوله وفهمه والوقوف بلامبالاة حياله، وهذا مجرد رأس الجبل الجليدي مقابل الحرب الإقليمية التي تنتظرنا وتنطوي على تهديد وجودي حقيقي على إسرائيل، ونحن غير مستعدين لها بشكل مطلق”.
الكارثة الأعظم
ويوضح بريك أن القيادة التي جَلَبَت على إسرائيل الكارثة الأعظم في تاريخها في السابع من أكتوبر تُواصل إدارة شؤون الحرب، ولا تنشغل بِعِبَرها، ولا بتحضير الجيش والجبهة الداخلية لحرب إقليمية.
ويتابع: "كل ذلك يحدث لنا داخل القطاع، جنودنا يقتلون ويجرحون، والقيادات تفهم أنه مع انتهاء الحرب سيفقدون مناصبهم واحترامهم، وسيلقى بهم لمزبلة التاريخ، ولذا فهم يريدون مواصلة الحرب دون أجل، وبكل ثمن، حتى لو تسبّبت بخسائر باهظة وتهدم الدولة”.
سؤال المليون دولار
بريك، الذي سبق أن حذّر، في سلسلة مقالات، من خطورة صمت الإسرائيليين، ونبّههم إلى أنهم يمتطون بصمتهم متن "تايتانيك” إسرائيلية، يقول اليوم إن سؤال المليون دولار هو "أين الشعب؟ لماذا لا يوقف الشعب جنون هذه العصبة ويسقطها ويرسلها للبيت؟ الشعب يفقد أولاده في حرب لم تحقق هدفاً؛ لا إسقاط "حماس”، ولا استعادة المخطوفين أحياء. نتنياهو لا يتخّذ قرارات تدفع إسرائيل حقاً لشاطئ الأمان والقرار الوحيد الذي اتخذه: إسقاط "حماس” بشكل مطلق، وعدم إنهاء الحرب، وهذا قرار كافٍ من أجل إسقاط إسرائيل”.
مشعلو الحرائق
وللتدليل على رؤيته، يقتبس بريك من أستاذ إسرائيلي خبير بإدارة التنظيمات البروفيسور يتسحاق أدجيس، الذي يتحدث عن ظاهرة "مشعلي النيران”، والحديث عن قادة يسيطرون على تنظيم أو دولة ولا يسمحون لأنفسهم من ناحية سيكولوجية فقدان سيطرتهم، فهم مستعدون لفعل كل شيء في سبيل ذلك: الكذب والتغطية والتعمية، بل تدمير ما بنوه بأنفسهم، هدم المنظمة، أو الدولة المسؤولين عنها في حال شعروا أنهم ذاهبون لفقدان سيطرتهم، ومن ناحيتهم "عليّ وعلى أصدقائي وأعدائي”، ومن ناحيتهم أيضاً لا مبرر لاستمرار المنظمة أو الدولة التي يسيطرون عليها بدونهم.
ويضيف: "هؤلاء نماذج من البشر يصغون فقط لاستمرار سيطرتهم، وفقدانها بالنسبة لهم يعميهم عن رؤية الواقع من حولهم”.
ويوضح بريك أنه "دون المقارنة، لا سمح الله، فإن يتسحاق أدجيس يقدّم مثلاً على ذلك بقوله إن هتلر أمَرَ، في نهاية الحرب العالمية الثانية، بتدمير ألمانيا عندما أدرك أنها خسرت الحرب، وأنه لن يقوى على مواصلة السيطرة عليها، فقال: لا تستحق ألمانيا البقاء بعد خسارتها الحرب، وعندما لا يستطيع هتلر مواصلة الحكم لا حق لألمانيا بالوجود”.
ويرى بريك أن توجّه "كل شيء أو لا شيء” هو الوعي السائد في عقل مثل هؤلاء القادة، فهم يكابدون اضطرابات نفسية كثيرة، والحديث يجري عن حالة نفسية صعبة لدى رؤساء يرون بالسيطرة على الآخرين غايتهم، وبدونها لا مبرر لبقاء المنظمة أو الدولة.
ويتابع بريك: "يتسحاق أدجيس يعتقد أن نتنياهو أصيب بهذا الاضطراب النفسي، وهو مستعد لفقدان الدولة بحال فقد السيطرة عليها، وهو يقودنا لخراب الهيكل الثالث”.
ويخلص بريك للقول إن الحل الوحيد لإنقاذ إسرائيل يكمن بطرد الثلاثية القائدة التي تزرع الخراب والدمار فينا: نتنياهو، غالانت، وهليفي وأتباعهم، لافتاً للحاجة إلى تشكيل طاقم قيادي سياسي وعسكري جديد يقبل بصفقة بايدن: وقف الحرب، استعادة المخطوفين بالاتفاق، ترميم الجيش، وإعداده لحرب إقليمية، ترميم اقتصاد إسرائيل وعلاقاتها الدولية، وإعادة عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين لبيوتهم”.