دفعت جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة، الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين لرفع دعوى قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاسبتهم.
وعلى مدار سبعة أشهر متتالية، لم تتوقف قوات الاحتلال عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في القطاع، ما خلف أكثر من 34 ألف شهيد و77 ألف مصاب، فضلًا عن تدمير آلاف المنازل والمنشآت والبنية التحتية.
ورغم صدور قرارات من مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار فورًا، واتخاذ تدابير فورية لمنع أعمال إبادة جماعية وتحسين الوضع الإنساني في غزة، إلا أن "إسرائيل" ما تزال تواصل ارتكاب تلك الجرائم بشكل غير مسبوق، غير آبهة لأية قوانين أو قرارات دولية.
أحد أعضاء الحملة العالمية من بيروت يقول لوكالة "صفا"، إن قوات الاحتلال ارتكبت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي جرائم إبادة جماعية بحق أهالي قطاع غزة، منتكهة بذلك القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
ويوضح أن ارتفاع وتيرة الجرائم دفع الحملة للعمل على مقاضاة الكيان الإسرائيلي أمام محكمة الجنائيات الدولية، بهدف ملاحقة قادته ومحاكمة مجرمي الحرب.
وقدم سفير العودة، النائب في البرلمان الأوروبي مانويل بينيدا برفقة الناشطة الحقوقية والمستشارة في القانون الدولي وحقوق الإنسان رانيا ماضي إلى المحكمة الدولية الملفات والوثائق اللازمة لبدء قضية بحق الكيان والجرائم التي ارتكبها ويرتكبها يوميًا بحق أهالي القطاع وسائر المدن الفلسطينية الأخرى.
ويشير عضو الحملة إلى أن الوفد عقد في الآونة الأخيرة، جلستي استماع مع المسؤولين في مكتب المدعي العام للشؤون الفلسطينية في المحكمة، قدم خلالها السفير بينيدا ملفين اثنين ضما المزيد من القرائن والأدلة على ما تم ارتكابه من جرائم إسرائيلية بحق المدنيين في القطاع.
وأبرز هذه الجرائم التي عرضها أمام المحكمة جريمة الاحتلال أثناء اقتحامه الأخير لمجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وما ارتكبه من مجازر وإعدامات ميدانية بحق المرضى والجرحى والطواقم الطبية والمدنيين العزل، وكذلك عمليات التدمير الممنهج التي طالت البنية التحتية للقطاع الصحي والدفاع المدني.
كما جرى عرض تقارير وأدلة تُثبتُ استهداف الاحتلال للطواقم الطبية والصحفية، وتقديم أرقام دقيقة حول أعداد عناصر الإغاثة الإنسانية والصحفيين الذين تمّ استهدافهم منذ بدء الحرب على غزة، بما يرقى لجرائم ضدّ الإنسانية.
ووفق عضو الحملة، فإن الحقوقية ماضي قدمت خلال إحدى الجلسات عَرضًا قانونيًا للوضع الإنساني، ولكل ما يمثّل انتهاكًا لأكثر من اتفاقية إنسانية دولية، ولحقوق الإنسان في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية من أجل الادعاء الرسمي على وزراء حكومة الاحتلال ونظام الفصل العنصري أمام محكمة الجنايات.
ومن الناحية القانونية، أوضحت ماضي الخطوات الإدارية والإجرائية التي كان على الفريق اتباعها في سبيل الوصول إلى قضية يتمّ النظر في ملابساتها وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين الذين جرى ذكرهم في الملفات والوثائق المقدمة في كلا الجلستين، مع تقديم شهادات ومعلومات من أفراد عدة يمكن أن تستخدم أدلة داعمة في القضية.
وتأتي هذه الاجتماعات في سياق العملية الإدارية المُتّبعة وفق المراسم الإجرائية التي تنهجها محكمة الجنايات الدولية لاستكمال عناصر القضية المرفوعة بحقّ مرتكبي هذه الجرائم في ملف الدعوى المقدمة من السفير بينيدا باسم الحملة العالمية.
ويبين عضو الحملة في حديثه لـ"صفا"، أن السفير بينيدا أشار خلال الاجتماعات إلى نوايا الاحتلال المبيتة لتهجير أهالي القطاع بهدف السيطرة عليه في خطوة لاحقة، مع التركيز على ممارساته في استهداف البنية التحتية وتدمير المقدرات الطبية والاجتماعية والتعليمية لمؤسسات القطاع.
وتضمنت تلك الاجتماعات مطالبات بمحاسبة مسؤولي الاحتلال على اختلاف مسميّاتهم ومناصبهم ليَمْثُلوا في مرحلة لاحقة أمام العدالة في المحكمة الدولية وينالوا جزاءهم عما يتم اقترافه من جرائم إبادة في غزة.
ويشمل نطاق النشاط القانوني للمحكمة الدولية جميع الدول الموقّعة على النظام الأساسي لروما، التي تصبح بالتوقيع على هذا النظام خاضعة لقرارات تلك المحكمة وأحكامها القضائية، مع التأكيد على أن فلسطين هي من الدول الموقعة خلافًا لـ"إسرائيل" التي لم توقع، الأمرُ الذي لا ينفي امتداد قرارات وأحكام الجنايات القضائية إلى الكيان في حال صدور حكم بالإدانة في وقت لاحق، على اعتبار أنّ المتضرر من ممارساته وجرائمه عضو موقع على الاتفاقية الدولية.
ووفقًا للحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، فإن الفريق سيتابع العمل والتنسيق مع محققي محكمة الجنايات الدولية في الفترة القادمة، من خلال رصد الشهادات والأدلة والمساعدة في سبيل ملاحقة المسؤولين عن جميع هذه الجرائم حتى يتم القصاص منهم.
ويتخوف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة إسرائيليين كبار من إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال دولية بحقهم قريبًا على خلفية ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي 29 كانون أول/ ديسمبر الماضي، قدمت جنوب أفريقيا طلبًا لمحكمة العدل الدولية لإقامة دعوى ضد "إسرائيل"، طلبت فيها باتخاذ تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة من أي ضرر جسيم إضافي، وغير قابل للإصلاح، ولضمان امتثال "إسرائيل" لالتزاماتها بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها والمعاقبة عليها.
وفي 26 كانون الثاني/يناير الماضي، أمرت المحكمةُ "إسرائيل" في جلسة خاصّة عقدتها، باتخاذ عدد من التدابير المؤقتة لحماية الفلسطينيين ومنع الإبادة الجماعيّة في غزة.