أخبار البلد ــ هذه ليست المرّة الأولى التي يجري فيها التطاول على الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، والدفع إلى أزمة دبلوماسيّة بين البلدين، وفي سويسرا تحديدًا، حيث سبق أن جرى رفع يافطات العام 2017 دعت لقتل الرئيس التركي، ورفع يافطات عدائيّة في حينها ضدّه داخل البرلمان السويسري، الأمر الذي دفعه (أردوغان) إلى اتهام سويسرا بالنازيّة، وأوروبا أيضاً
السلطات السويسريّة فيما يبدو تفتح تحقيقاً في كل مرّة يجري فيها التطاول على الرئيس أردوغان، ولكنها فيما يبدو حكومة تُؤمن بحُريّات التعبير السياسي، ولم يجر أنها أعلمت أنقرة بالجهة التي تقف خلف هذا التطاول والتحريض، أو بالأحرى عاقبت الجهة التي تقول أنقرة بأنهم أكراد يُقيمون في سويسرا، حيث 30 عاماً من العداء القائم بين تركيا والأكراد
تهمة إهانة الرئيس القائمة لمُلاحقة مُنتقدي أردوغان داخل تركيا، ليست ضمن القوانين التي تُقرّها سويسرا لمُلاحقة من تطاولوا داخل أراضيها على أردوغان، ولكن التحريض على قتل الأخير، كانت التهمة التي استندت إليها أنقرة، وتُشكّل انتهاكاً لقوانين مُكافحة التحريض على العُنف في سويسرا، أو تهمة فيدراليّة دوليّة تتعلّق بالدعاية لمنظمة تعتبرها أنقرة إرهابيّة الأكراد
وتُطرح تساؤلات حول الأسباب التي دفعت سويسرا للسّماح مجددًا بهذا الاعتداء الصريح على أردوغان ولكن دون التحريض المُباشر على قتله، بحرق دمية تُشبهه، إضافةً إلى حرق العلم التركي، ضمن فعالية نظمتها مجموعة تُدعى تجمّع الإضراب الثوري ، فالاعتداء السابق كان يتزامن مع تغييرات كان يُجريها أردوغان على تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي، ضمن استفتاء شعبي نجح أردوغان في حينها في تمريره
التطاول أو الفعالية التي أغضبت أنقرة، ودفعت وزارة خارجيّتها إلى استدعاء السفير السويسري لدى أنقرة جان دانيال روتش، أنكرت السلطات السويسريّة علمها فيها، وقالت الشرطة إنها أقيمت دون الحُصول على إذنٍ مُسبق، وهُنا تُحاول سويسرا التبرّؤ من الفعالية، التي لا علم لها فيها، لكنها سمحت لها بالاستمرار بشكل أو بآخر، وتضمّنت حرق العلم التركي ما يطرح علامات استفهام
ومن غير المعلوم إذا كانت سُلطات سويسرا ستقبض على من وصفتهم الخارجيّة التركيّة الجُناة، وكما طالبتها الأخيرة، حيث أنها لم تفعل سابقاً، فقدسيّة الرئيس أردوغان قائمة على الأراضي التركيّة فحسب، إلا إذا جرى تسليم الجُناة أو على الأقل تحديد هُويّتهم كما طلب نائب وزير الخارجيّة التركي محمد كمال بوزاي
ومن غير المعلوم إذا كانت ستتكرّر هذه الاعتداءات بحسب وصف بوزاي مجددًا على الرئيس التركي وعلم بلاده في سويسرا، أو بعُموم أوروبا عُموماً
وتركيا التي يرفض الاتحاد الأوروبي انضمامه إليها مُنذ 50 عاماً، ويُقابلها أردوغان برفضه انضمام السويد إلى الناتو ، حيث جدّد الرئيس التركي رفضه انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي ناتو ، وهذا الرفض الأردوغاني قد يفسّر النزعة التطاوليّة عليه في سويسرا، وغيرها من الدول الأوروبيّة، حيث سبق للصحف الغربيّة أن شكّكت بفوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة، وشنّت على شخصه حملات تحريضيّة، وتوصيفات اتهمته بالديكتاتوريّة
ومن المُستبعد أن تُحدث الهجمات الإعلاميّة ضد أردوغان في أوروبا، تغييرات في موقفه من روسيا الإيجابي، وغلق مضائقه في وجه سفنها، كما من المُستبعد أن يدفع حرق دميته وعلم بلاده، و(إن أغضبه)، على تغيير رأيه بخصوص انضمام السويد لحلف الناتو، حيث قمّة الناتو السنويّة المُقبلة في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا 11و12 يوليو تموز القادم، والتي أكّد أردوغان مُشاركته فيها، وأكّد بأن السويد لديها توقّعات، لكن هذا لا يعني أننا سنُلبّيها
وتُواصل تراجع الليرة التركيّة أمام الدولار (سجّلت أطول سلسلة من الخسائر منذ العام 1999) ووصلت إلى 23.6523 مُقابل الدولار الواحد، وبعد إعادة انتخاب الطيّب هو الملف الأبرز الذي قد يُشكّل ضغوطاً قويّة على الرئيس أردوغان، ويدفعه مع استمرار هذا التحدّي لعلّه إلى تقديم تنازلات ملموسة، ومع اهتمام الصحف الغربيّة والأوروبيّة بليرته المُنهارة، والتضخّم، وغلاء الأسعار الذي يضرب تركيا، كان آخرها تقرير لصحيفة فايننشال تايمز قال بأن سياسات أردوغان الاقتصاديّة خلقت حالات شاذّة كبيرة، ودفعت الأموال الأجنبيّة إلى الفرار! رأي اليوم