رفع إنقاذ العديد من الناجين من أنقاض المباني في تركيا معنويات فرق البحث المنهكة الجمعة، بعد أربعة أيام من الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا المجاورة وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن نحو 22 ألف شخص.
واجتاح البرد والجوع واليأس مئات الآلاف من الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الهزات الأرضية التي تسببت في سقوط أكبر عدد من القتلى في المنطقة منذ عقود.
وتم إنقاذ العديد من الأشخاص من تحت أنقاض المباني أثناء الليل، من بينهم صبي يبلغ من العمر عشرة أعوام مع والدته بعد 90 ساعة من الزلزال في منطقة سامانداج في إقليم هاتاي.
وفي هاتاي أيضا، أفادت وكالة أنباء الأناضول أنه تم إنقاذ فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات تدعى آسيا دونمز بعد 95 ساعة ونُقلت إلى المستشفى.
لكن الآمال تتلاشى في العثور على المزيد من الناجين بين أنقاض الآلاف من المباني المنهارة في البلدات والمدن في جميع أنحاء المنطقة.
تجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة والهزات الارتدادية القوية في كلا البلدين العدد المسجل في زلزال مماثل ضرب شمال غرب تركيا في 1999 وأودى بحياة أكثر من 18 ألفا.
وقال مسؤول تركي إن الكارثة تشكل "صعوبات خطيرة للغاية" لإجراء الانتخابات المقررة في 14 مايو أيار والتي من المتوقع أن يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان فيها أصعب تحد له منذ عقدين قضاهما في السلطة.
ومع احتدام الغضب بسبب التأخير في إيصال المساعدات وبدء جهود الإنقاذ، من المرجح أن تلعب الكارثة دورا في التصويت إذا أجريت الانتخابات.
وعبرت أول قافلة تابعة للأمم المتحدة تحمل مساعدات إلى المنكوبين السوريين الحدود من تركيا.
وفي محافظة إدلب السورية، قالت منيرة محمد، وهي أم لأربعة أطفال فرت من حلب بعد الزلزال "كلهم أطفال هنا، ونحن بحاجة إلى تدفئة وإمدادات. الليلة الماضية لم نتمكن من النوم لأن الطقس كان شديد البرودة. الوضع سيئ للغاية".
وأصبح مئات الآلاف من الأشخاص في كلا البلدين بلا مأوى في منتصف الشتاء. وأقام الكثير من الناس في ملاجئ بدائية في ساحات انتظار السيارات التابعة لمتاجر السوبر ماركت أو في المساجد أو على جوانب الطرق أو وسط الأنقاض.
وغالبا ما يكون الناجون في أمس الحاجة إلى الطعام والماء والتدفئة.
وتضرر نحو 40% من المباني في مدينة كهرمان مرعش التركية، مركز الزلزال الرئيسي يوم الاثنين، وفقا لتقرير صادر عن جامعة بوغازيتشي (البسفور) التركية.
نيران على جانب الطريق
وفي محطة بنزين بالقرب من مدينة كمال باشا التركية جمع الناس صناديق من الورق المقوى بها ملابس تم التبرع بها.
وفي مدينة الإسكندرونة الساحلية، رأى صحفيو رويترز أشخاصا يتجمعون حول النيران على جوانب الطرق وفي المرائب والمستودعات المحطمة.
وتقول السلطات إن نحو 6500 مبنى في تركيا انهار، بينما تضرر عدد لا يحصى من المباني.
وفي سوريا، التي دمرتها بالفعل حرب أهلية استمرت قرابة 12 عاما، لقي أكثر من 3300 شخص مصرعهم.
وفي بلدة جنديرس السورية المدمرة، سار إبراهيم خليل منكاوين في الشوارع المليئة بالأنقاض ممسكا بكيس أبيض للجثث. وقال إنه فقد سبعة من أفراد عائلته، بما في ذلك زوجته وشقيقيه.
ويقول مسؤولون أتراك إن نحو 13.5 مليون شخص تضرروا في منطقة تمتد على مسافة 450 كيلومترا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق. وفي سوريا، توفي أشخاص حتى حماة في الجنوب، على بعد 250 كيلومترا من مركز الزلزال.
وعرضت محطات تلفزيونية تركية لقطات لفرق الإنقاذ التي تعمل في الظلام وفي درجات حرارة شديدة البرودة بحثا عن ناجين في مبنى منهار في مدينة أديامان.
ودعت الفرق إلى التزام الصمت وطالبت جميع المركبات والمولدات بالتوقف والصحفيين بالصمت وهم يستمعون إلى أي صوت للحياة من الأنقاض الخرسانية.
وقد اشتكى الكثير في تركيا من نقص المعدات والخبرة والدعم لإنقاذ المحاصرين، وكان هذا في بعض الأحيان بينما يسمعون صرخات طلب المساعدة.
ويقدم البنك الدولي لتركيا 1.78 مليار دولار في شكل تمويل للإغاثة والتعافي، سيتوفر منها 780 مليون دولار على الفور. وستقدم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية 85 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة لتركيا وسوريا.