اخبار البلد - يُبعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل حال إبرامه، شبح الحرب التي دق طبولها مسؤولون إسرائيليون وحزب الله اللبناني في الأسابيع الأخيرة، لكن مراقبين يتساءلون هل يقود ذلك إلى سلام؟
ويؤكد رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية درور شالوم أن احتمالات التوصل إلى "اتفاق سلام” مع لبنان، زادت عمّا كانت عليه بعد الاتفاق بشأن المياه الاقتصادية، "لكن حزب الله يمكن أن يحبط هذا الاحتمال”.
وينظر محللون إسرائيليون إلى المفاوضات نفسها على أنها مقدمة لمستوى متقدم من التطبيع اللبناني مع إسرائيل، بل وأيضا طريق لمعاهدة واتفاق سلام بين الجانبين.
ولا يقول المسؤولون في إسرائيل صراحة إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية سيقود إلى اتفاق سلام شامل مع لبنان، لكن السفير الأميركي الأسبق في إسرائيل دانيال شابيرو يقول "بغض النظر عن الانتصار الذي قد يدعيه زعيم حزب الله، فإن هذه الصفقة البحرية تعني أن لبنان لأول مرة، دخل في اعتراف فعلي بإسرائيل وحدودها”.
دانيال شابيرو: لبنان دخل لأول مرة في اعتراف فعلي بإسرائيل وحدودها
ويرى شابيرو أن إسرائيل تحقق من وراء الاتفاق شيئا لم تحققه من قبل بجانب مكاسبها الاقتصادية والأمنية، وهو "اعتراف لبناني فعال بالحدود الأمنية التي تؤكدها إسرائيل في أول 5 كيلومترات من الشاطئ، مع وجود خط العوامة في مياهها الإقليمية”.
وبرأيه فإن "لبنان سينفي ذلك، لكن من الواضح جدا أن هذا الخط مقبول الآن باعتباره الوضع الراهن، وسيعامله المجتمع الدولي على أنه حدود بحرية شرعية لإسرائيل”.
ويتفق المسؤولون الإسرائيليون، بمن فيهم قادة الأمنية والعسكرية، على أن الاتفاق سيقيد قدرة حزب الله على المبادرة بعمليات عسكرية ضد إسرائيل، فضلا عن أنه سيضعفه داخليا في لبنان.
ويقول يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إن "كثيرين كانوا يعتقدون بأن لبنان سيكون بين الدول الأولى التي ستقيم سلاما مع إسرائيل، باعتبار أنه يخلو من الخلافات العميقة التي تمنعه من ذلك”، مضيفا "لكن الموضوع الرئيسي الذي برز لاحقا هو أن لبنان أصبح غير مستقر بعد تحول جنوبه إلى قاعدة للعناصر المعادية”.
وتابع "عند سؤال السفير الأميركي في إسرائيل توماس نايدز في مقابلة إذاعية عما إذا كان هذا الاتفاق سيقود إلى اتفاق سلام مع لبنان على غرار اتفاقيات إبراهيم، كان جوابه إننا لا نعلم ما سيحدث”.
ويعلّق فريمان على تلك الآراء قائلا "لربما تنازلت إسرائيل عن شيء ما بمقابل، لكن من ناحية أخرى فإن إسرائيل تريد التأكد من أنها لن تحصل على كل لبنان بالمقابل”.
وأشار "ما أعنيه بذلك أن لبنان إذا كان ضعيفا ماليا فإن الحكومة ستسقط وقد يشهد حربا أهلية”.
وأضاف "ما يجري في لبنان قد يتسبب في مشاكل أكبر لإسرائيل على جبهتين: الأولى أنها قد تحتاج إلى تقديم العون للبنان بطريقة ما، سواء باستقبال لاجئين أو شيء من هذا القبيل”.
استخراج الغاز وفق مسودة الاتفاق سيعود بفوائد مالية على الجانبين
وأردف "وثانيا قد يكون هذا هو السبيل لحزب الله لتفجير الأوضاع والاستيلاء على البلد، أو استغلال الأوضاع ومحاولة الدفع باتجاه صراع مع إسرائيل”.
وأكمل "لكل ذلك لا أقول إن هذا الاتفاق قد يمنع الحرب، لكن التفكير في إسرائيل هو أنه يؤجلها إلى المستقبل”.
وتنص مسودة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين بما يمكنهما من استخراج الغاز الذي سيعود بفوائد مالية عليهما.
وقال فريمان "إسرائيل ستحصل على بعض عائدات الغاز من شركة توتال”.
لكنه أشار إلى أن ثمة تساؤلات في إسرائيل عمّا إذا كان هذا الاتفاق فعلا ضمانة لعدم حدوث توتر مع لبنان مستقبلا، وكيفية التأكد من أن حزب الله لن يستفيد منه.
عسكريون إسرائليون يذهبون إلى القول بأن الاتفاق يضعف النفوذ الإيراني في لبنان، ويعزز حكومة بيروت ويضعف نظيرتها في طهران
وأضاف "هناك انتخابات قادمة في إسرائيل، وعدد من أحزاب المعارضة تقول إن هذا لم يكن اتفاقا مع لبنان وإنما مع حزب الله، ولذا فإن علينا أن نرى ما سيحدث”.
وكانت الحكومة الإسرائيلية وافقت بالإجماع على الاتفاق، لكنها أرجأت الموافقة النهائية إلى ما بعد 14 يوما.
وأوضح فريمان أن "إسرائيل تنتظر لترى أمرين: الأول هل يوافق لبنان رسميا على الاتفاق؟ والثاني هل تقدم الولايات المتحدة الضمانات التي يجب أن تقدمها إلى البلدين؟”.
ورأى أن الاتفاق في حال إقراره سيكون في صالح إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة، ويضعف حزب الله وإيران.
ويذهب عسكريون إسرائليون إلى القول بأن الاتفاق يضعف النفوذ الإيراني في لبنان، ويعزز حكومة بيروت ويضعف نظيرتها في طهران.
ويشير هؤلاء إلى أن بغض النظر عمّا يقوله حزب الله، فإن هذا الاتفاق يضعفه، فهو يعزز مكانة حكومة بيروت في عيون مواطنيها ويمنع حزب الله من المبادرة بشيء ما، إضافة إلى أنه يظهر أن من الممكن أن يكون هناك اتفاق مع إسرائيل.